للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي علي بن أبي موسى (١)

هو صاحبُ أبي الحسن التميمي, وقد ذَكَر عنه أنه قال: لقد خَرِيَ القاضي أبو يعلى على الحنابلة خَرْيةً لا يغسلُها الماء (٢).

وسنتكلَّم على هذا بما ييسِّره الله، متحرِّين للكلام بعلمٍ وعدل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فمازال في الحنبليَّة من يكونُ ميلُه إلى نوعٍ من الإثبات الذي ينفيه طائفةٌ أخرى منهم، ومنهم من يُمْسِكُ عن النفي والإثبات جميعًا, ففيهم جنسُ التنازع الموجود في سائر الطوائف، لكن نزاعَهم في مسائل الدِّق (٣)، وأما الأصولُ الكبار فهم متَّفقون عليها، ولهذا كانوا أقلَّ الطوائف تنازعًا وافتراقًا؛ لكثرة اعتصامهم بالسُّنة والآثار؛ لأن للإمام أحمد في باب أصول الدين من الأقوال المبيِّنة لما تنازع فيه الناسُ ما ليس لغيره, وأقوالُه مؤيَّدةٌ بالكتاب والسُّنة واتباع سبيل السَّلف الطيِّب؛ ولهذا كان جميعُ من ينتحِلُ السُّنةَ من طوائف الأمة فقهائها ومتكلِّمتها وصوفيَّتها ينتحِلُونه.

ثم قد يتنازعُ هؤلاء في بعض المسائل، فإن هذا أمرٌ لا بدَّ منه في العالَم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد أخبر بأن هذا لا بدَّ من وقوعه، وأنه لما سأل ربَّه ألا يُلْقِي


(١) محمد بن أحمد صاحب «الإرشاد» (ت: ٤٢٨). «طبقات الحنابلة» (٣/ ٣٣٥) ..
(٢) انظر: «دفع شبه التشبيه» (٩) , و «الكامل» لابن الأثير (٨/ ٢٠٩).
(٣) كذا بالأصل, وكتب الشيخ ابن مانع على طرة نسخته: «لعله: في مسائل دقيقة». وهو كما قال لولا أن هذا التعبير وقع كذلك في موضع آخر «مجموع الفتاوى» (٦/ ٥٦). وانظر: «منهاج السنة» (٥/ ٢٧٧). والمراد واضحٌ على الحالين.

<<  <  ج: ص:  >  >>