للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما تكلَّم فيهم من تكلَّم من أعيان الأمة وأئمتها المقبولين فيها من جميع طوائف الفقهاء وأهل الحديث والصُّوفية إلا بما يقولون إنهم خالفوا فيه السُّنة والحديث لخفائه عليهم أو إعراضهم عنه، أو لاقتضاء أصلِ قياسٍ مَهَّدُوه ردَّ ذلك (١)، كما يقعُ نحو ذلك في المسائل العملية، فإن مخالفة المسلم الصحيحِ الإيمانِ النصَّ إنما يكون لعدم علمه به أو لاعتقاده صحةَ ما عارضه، لكن هو فيما ظهر من السُّنة وعظُم أمرُه يقعُ بتفريطٍ من المخالف وعدوان، فيستحقُّ من الذمِّ ما لا يستحقُّه في النصِّ الخفيِّ, وكذلك فيما يوقِعُ الفُرقةَ والاختلافَ يَعْظُم أمرُ المخالفة للسُّنة.

ولهذا لمَّا اهتمَّ (٢) كثيرٌ من الملوك والعلماء بأمر الإسلام وجهاد أعدائه، حتى صاروا يلعنون الرافضةَ والجهميةَ وغيرهم على المنابر، حتى لعنوا كلَّ طائفةٍ رأوا فيها بدعةً= فلعنوا الكُلَّابية والأشعرية، كما كان في مملكة الأمير محمود بن سُبُكْتِكِين (٣) , وفي دولة السلاجقة ابتداءً (٤).


(١). يعني أنهم قد يمهِّدون قياسًا فيقتضيهم طردُه أن يردُّوا شيئًا من السنة. (ط)
(٢). (ط): «ولهذا اهتم». والمثبت من الأصل و «كشف غياهب الظلام» (١٧٢) , وبه يستقيم السياق.
(٣). الغزنوي فاتح الهند (ت: ٤٢١) , كان يحبُّ الإسلام والسنة, من أحسن ملوك أهل المشرق إسلامًا وعقلًا ودينًا وجهادًا وملكًا. انظر: «بيان تلبيس الجهمية» (٤/ ٢٦٨, ٢٧٤). وانظر للعنه الأشعرية: «أصول اعتقاد أهل السنة» للالكائي (١٣٣٣) , و «ذم الكلام» لأبي إسماعيل الأنصاري الهروي (٥/ ٤٣٠).
(٤). كما تقدم (ص: ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>