للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه التاسع: أن العلمَ بوجود صفاتٍ مشتركةٍ ومختصَّةٍ حقٌّ، لكن التمييز بين تلك الصِّفات بجعل بعضها ذاتيًّا تتقوَّم منه حقيقةُ المحدود، وبعضها [عَرَضيًّا] (١) لازمًا لحقيقة المحدود= تفريقٌ باطل، بل جميعُ الصِّفات الملازمة للمحدود طردًا وعكسًا هي جنسٌ واحد، فلا فرق بين الفصل والخاصَّة، ولا بين الجنس والعَرَض العام.

وذلك أن الحقيقة المركَّبة من تلك الصِّفات إما أن يُعنى بها الخارجة, أو الذهنية, أو شيءٌ ثالث.

فإن عُنِيَ بها الخارجة فالنطقُ والضحكُ في الإنسان حقيقتان لازمتان تختصَّان به. وإن عُنِيَ الحقيقة التي في الذهن فالذهنُ يعقِلُ اختصاصَ هاتين الصفتين به دون غيره.

وإن قيل: بل إحدى الصفتين يتوقفُ عقلُ الحقيقة عليها، فلا يُعْقَلُ الإنسانُ في الذهن حتى يُفْهَمَ النطق، وأما الضحكُ فهو تابعٌ لفهم الإنسان, وهذا معنى قولهم: «الذاتيُّ ما لا يُتَصَوَّر فهمُ الحقيقة دون فهمه، أو ما تقفُ (٢) الحقيقةُ في الذهن والخارج عليه» (٣).

قيل: إدراكُ الذهن أمرٌ نسبيٌّ إضافي، فإن كونَ الذهن لا يفهمُ هذا إلا بعد هذا أمرٌ يتعلَّق بنفس إدراك الذهن، ليس هو شيئًا ثابتًا للموصوف في


(١). سقطت من الأصل.
(٢). مهملة في الأصل.
(٣). انظر: «محك النظر» (٢١١) , و «معيار العلم» (٩٨, ٢٤٩) , و «الرد على المنطقيين» (٦٣, ٨٠) , و «درء التعارض» (٣/ ٣٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>