للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقليدٍ ليسوا أهلَ نظرٍ واستدلال، وأنهم ينكرون حجَّة العقل، وربما حَكَوا إنكار النظر (١) عن بعض أئمة السُّنة، وهذا مما ينكرونه عليهم.

فيقال لهم: ليس هذا بحقٍّ، فإن أهل السُّنة والحديث لا ينكرون ما جاء به القرآن، هذا أصلٌ متفقٌ عليه بينهم, والله قد أمر بالنظر والاعتبار والتفكُّر والتدبُّر في غير آية، ولا يُعْرَفُ عن أحدٍ من سلف الأمة ولا أئمة السُّنة وعلمائها أنه أنكر ذلك، بل كلُّهم متفقون على الأمر بما جاءت به الشريعةُ من النظر والتفكُّر والاعتبار والتدبُّر وغير ذلك، ولكن وقعَ اشتراكٌ في لفظ «النظر والاستدلال» ولفظ «الكلام» (٢) , فإنهم أنكروا ما ابتدعه المتكلمون من باطلِ نظرِهم وكلامهم واستدلالهم، فاعتقدوا أن إنكار هذا مستلزِمٌ لإنكار جنس النظر والاستدلال!

وهذا كما أن كلَّ طائفةٍ من أهل الكلام يسمِّي ما وضعَه «أصول الدين»، وهذا اسمٌ عظيم، والمسمَّى فيه من فساد الدين ما الله به عليم (٣)، فإذا أنكر أهلُ الحقِّ والسُّنة ذلك قال المُبْطِل: قد أنكروا أصولَ الدين! وهم لم يُنكِروا ما يستحقُّ أن يسمَّى «أصول الدين»، وإنما أنكروا ما سمَّاه هذا «أصول الدين»، وهي أسماءٌ سمَّوْها هم وآباؤهم (٤) ما أنزل الله بها من


(١). الأصل: «الضرر». تحريف ظاهر, نبه عليه في حاشية (ط) وأصلح في (ف).
(٢). انظر: «درء التعارض» (٧/ ١٨٤, ٤٢٠) , و «النبوات» (٢٩٠, ٦١٩) , و «مجموع الفتاوى» (١٣/ ١٤٧).
(٣). انظر: «النبوات» (٣٣٠, ٦١٣) , و «درء التعارض» (١/ ٣٨, ٤١) , و «الفتاوى» (٣/ ٣٠٣, ٣٠٥).
(٤). الأصل: «وآباؤهم بأسماء». من سهو الناسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>