المخالفين لهؤلاء أولى أن يكونوا جاهلين؛ إذ كانوا أشبه بمن شاقَّ الرسول واتَّبع غيرَ سبيل المؤمنين من أهل العلم والإيمان.
وهم في هذه الأحوال إلى الكفر أقربُ منهم للإيمان.
تجدُ أحدَهم يتكلَّم في أصول الدين أو فروعه بكلام من كأنه لم ينشأ في دار الإسلام، ولا سَمِع ما عليه أهلُ العلم والإيمان، ولا عَرف حالَ سلف هذه الأمة وما أوتوه من كمال العلوم النافعة والأعمال الصَّالحة، ولا عَرف مما بعث الله به نبيَّه ما يدلُّه على الفرق بين الهدى والضلال والغيِّ والرشاد.
وتجدُ وقيعةَ هؤلاء في أئمَّة السُّنة وهُداة الأمَّة من جنس وقيعة الرافضة ومن معهم من المنافقين في أبي بكرٍ وعمرَ وأعيان المهاجرين والأنصار، ووقيعة اليهود والنصارى ومن اتبعهم من منافقي هذه الأمة في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ووقيعة الصَّابئة والمشركين من الفلاسفة وغيرهم في الأنبياء والمرسلين، وقد ذكر الله في كتابه مِن كلام الكفَّار والمنافقين في الأنبياء والمرسلين وأهل العلم والإيمان ما فيه عبرةٌ للمعتبِر, وبيِّنةٌ للمستبصِر، وموعظةٌ للمُتَهوِّك المتحيِّر.
وتجدُ عامَّة أهل الكلام ومَن أعرض عن جادَّة السَّلف إلا من عصَم الله يعظِّمون أئمَّة الاتحاد، بعد تصريحهم في كتبهم بعبارات الاتحاد، ويتكلَّفون لها محامِلَ غير ما قصدوه (١)، ولهم في قلوبهم من الإجلال والتعظيم والشَّهادة بالإمامة والولاية لهم وأنهم أهلُ الحقائق ما اللهُ به عليم.
(١) كما تقدم في تائية ابن الفارض «نظم السلوك» (ص: ١٠٨).