للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان النظرُ في دليلٍ مُضِلٍّ والناظرُ يعتقدُ صحَّتَه، بأن تكون مقدِّمتاه أو إحداهما متضمنةً للباطل، أو تكون المقدِّمتان صحيحة (١) لكن التأليفَ ليس بمستقيم= فإنه يصيرُ في القلب بذلك اعتقادٌ فاسد، وهو غالبُ شبهات أهل الباطل المخالفين للكتاب والسُّنة من المتفلسفة والمتكلمين ونحوهم.

وإذا كان الناظرُ لا بدَّ له من منظورٍ فيه، فالنظرُ (٢) في نفس المتصور المطلوب حكمه لا يفيدُ علمًا، بل ربما خَطَر له بسبب ذلك النظر أنواعٌ من الشبهات يحسبُها أدلةً، لفرطِ تعطُّش القلب إلى معرفة حكم تلك المسألة وتصديق ذلك التصوُّر.

وأما النظرُ المفيدُ للعلم فهو ما كان في دليل هادٍ, والدليلُ الهادي على العموم والإطلاق هو كتابُ الله وسنةُ نبيه، فإن الذي جاءت به الشريعةُ من نوعَي النظر هو ما يُفِيدُ وينفعُ ويُحَصِّلُ الهدى، وهو بذكر الله وما نَزَل من الحقِّ.

فإذا أراد النظرَ والاعتبارَ في الأدلة المطلقة من غير تعيين مطلوبٍ فذلك النظرُ في كتاب الله وتدبُّره، كما قال: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ} الآية [المائدة: ١٦]، وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ} إلى آخر السورة [الشورى: ٥٢، ٥٣].


(١) كذا في الأصل. والجادة: صحيحتين.
(٢) الأصل: «والنظر». وبالمثبت يستقيم السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>