للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحقيقةُ المذكورة إن ذُكِرَت بلفظٍ دخلت في القسم الأول، وإن لم تُذْكَر بلفظٍ فلا تُدْرَكُ بلفظٍ ولا تُحَدُّ (١) بمقالٍ إلا كما تقدَّم.

وهذه نكتٌ تنبِّه على جُمَل المقصود، وليس هذا موضع بسط ذلك.

السادس عشر: أن في الصِّفات الذاتية المشتركة والمختصَّة, كالحيوانية والناطقية (٢) , إن أرادوا بالاشتراك أن نفسَ الصِّفة الموجودة في الخارج مشتركةٌ فهذا باطل؛ إذ لا اشتراك في المعيَّنات التي يمنعُ تصوُّرها من وقوع الشَّرِكة فيها.

وإن أرادوا بالاشتراك أن مثل تلك الصفة حاصلةٌ (٣) للنوع الآخر، قيل لهم: لا ريب أن بين حيوانية الإنسان وحيوانية الفَرَس قدرًا مشتركًا، وكذلك بين صوتيهما وتمييزهما قدرًا مشتركًا، فإن الإنسان له تمييزٌ وللفَرَس تمييز، ولهذا صوتٌ هو النطق، ولذاك صوتٌ هو الصَّهيل، فقد خُصَّ كلُّ صوتٍ باسمٍ يخصُّه, فإذا كان حقيقةُ أحد هذين يخالفُ الآخر ويختصُّ بنوعه، فمن أين جعلتم حيوانية أحدهما مماثلةً لحيوانية الآخر في الحدِّ والحقيقة؟!

وهلَّا قيل: إن بين حيوانيَّتهما قدرًا مشتركًا ومميِّزًا، كما إن بين صوتَيهما كذلك؟ وذلك أن الحسَّ والحركة الإرادية إما أن توجد للجسم أو للنفس, فإن الجسم يحسُّ ويتحرَّكُ بالإرادة، والنفسُ تحسُّ وتتحرَّكُ بالإرادة، وإن كان بين الوصفين من الفرق ما بين الحقيقتين.


(١). الأصل: «بحد».
(٢). الأصل: «النطقية» , وسبقت على الصواب, وهي كذلك في عامة كتب المصنف.
(٣). الأصل: «حاصلة حاصلة».

<<  <  ج: ص:  >  >>