للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأسَهم بينهم مُنِعَ ذلك (١)، فلا بدَّ في الطوائف المنتسبة إلى السُّنة والجماعة من نوع تنازع، لكن لا بدَّ فيهم من طائفةٍ تعتصمُ بالسُّنة، كما أنه لا بدَّ أن يكون بين المسلمين تنازعٌ واختلاف، لكنه لا يزالُ في هذه الأمَّة طائفةٌ قائمةٌ بالحقِّ لا يضرُّها من خالفها ولا من خذلها حتى تقوم السَّاعة.

ولهذا لما كان أبو الحسن الأشعري وأصحابُه منتسبين إلى السُّنة والجماعة كان مُنتَحِلًا للإمام أحمد ذاكرًا أنه مقتدٍ به متبعٌ سبيلَه (٢) , وكان بين أعيان أصحابه من الموافقة والمؤالفة لكثيرٍ من أصحاب الإمام أحمد

ما هو معروف، حتى إن أبا بكر عبد العزيز (٣) يذكرُ مِن حُجَج أبي الحسن في كلامه مثل ما يذكرُ من حُجَج أصحابه؛ لأنه كان عنده من متكلِّمة أصحابه (٤).

وكان من أعظم المائلين إليهم التميميُّون؛ أبو الحسن التميمي، وابنه، وابن ابنه، ونحوهم، وكان بين أبي الحسن التميميِّ وبين القاضي أبي بكر بن الباقلاني من المودَّة والصُّحبة ما هو معروفٌ مشهور (٥).

ولهذا اعتمد الحافظُ أبو بكر البيهقي في كتابه الذي صنَّفه في مناقب


(١) أخرجه مسلم (٢٨٩٠).
(٢) في كتابه «الإبانة عن أصول الديانة» (٢٠).
(٣) عبد العزيز بن جعفر, غلام الخلال (ت: ٣٦٣). «طبقات الحنابلة» (٣/ ٢١٣).
(٤) انظر: «مجموع الفتاوى» (٣/ ٢٢٨, ٦/ ٥٣, ٨/ ٢٩٦) , و «درء التعارض» (٢/ ١٦).
(٥) انظر: «درء التعارض» (٢/ ١٧, ١٠٠). والمشهور أن الودَّ كان بين ابنه أبي الفضل والباقلاني. انظر: «تبيين كذب المفتري» (٢٢١) , و «تاريخ الإسلام» (٩/ ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>