للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُؤْمِنُونَ (٥٢) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا} الآية [الأعراف: ٥٢، ٥٣] , فأخبر أن الذين تركوا اتباعَ الكتاب ــ وهو الرسالة ــ يقولون إذا جاء تأويله

ــ وهو ما أخبَر به ــ: جاءت رسلُ ربِّنا بالحقِّ.

وهذا كقوله: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (١٢٥) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه: ١٢٤ ــ ١٢٦] , أخبَر أن الذين تركوا اتباعَ آياته يصيبُهم ما ذكرنا.

فقد تبيَّن أن أصلَ السعادة وأصلَ النجاة من العذاب هو توحيدُ الله بعبادته وحده لا شريك له، والإيمانُ برسله واليوم الآخر، والعملُ الصالح. وهذه الأمورُ ليست في حِكمتهم وفلسفتهم المبتدَعة، ليس فيها الأمرُ بعبادة الله وحده والنهيُ عن عبادة المخلوقات، بل كلُّ شركٍ في العالم إنما حدث برأيِ جنسِهم (١)، إذ بينوا ما في الأرواح (٢) والأجسام من القوى والطبائع، وأن صناعةَ الطلاسم والأصنام والتعبد لها يورثُ منافعَ ويدفعُ مضارَّ, فهم الآمرون بالشرك والفاعلون له.

ومن لم يأمر بالشرك منهم فلم يَنْه عنه (٣)، بل يقرُّ هؤلاء وهؤلاء، وإن


(١) انظر: «الرد على المنطقيين» (١٠١ - ١٠٦, ١٣٧, ١٨٢, ٢٨٣ - ٢٨٩, ٤٥٤).
(٢) (ط): «إذ بنوه على ما في الأرواح».
(٣) كابن سبعين وابن هود والتلمساني وأتباعهم من متفلسفة المتصوفة. انظر: «الرد على المنطقيين» (٢٨٢) , و «الصفدية» (١/ ٢٦٨) , و «مجموع الفتاوى» (١٤/ ١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>