للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلنا: إن من زعمَ أنه وكبار طائفته أعلمُ من الرُّسل بالحقائق وأحسنُ بيانًا لها= فهذا زنديقٌ منافقٌ إذا أظهَر الإيمانَ بهم باتفاق المؤمنين بهم. وسيجيء الكلامُ معه.

وإن قال: إن الرُّسل كانوا أعظمَ علمًا وبيانًا، لكن هذه الحقائق لا يمكنُ علمُها، أو لا يمكنُ بيانُها مطلقًا، أو يمكنُ الأمرين (١) للخاصَّة= قلنا: فحينئذٍ لا يمكنُكم أنتم ما عَجَزت عنه الرُّسلُ من العلم والبيان.

إن قلتم: لا يمكنُ علمُها= قلنا: فأنتم وأكابركم لا يمكنُكم علمُها بطريق الأولى.

وإن قلتم: لا يمكنُهم بيانُها= قلنا: فأنتم وأكابركم لا يمكنُكم بيانها.

وإن قلتم: يمكنُ ذلك للخاصَّة دون العامة= قلنا: فيمكنُ ذلك للخاصَّة من الرُّسل دون عامَّتهم (٢).

فإن ادَّعوا أنه لم يكن في خاصَّة أصحاب الرُّسل من يمكنُهم فَهْمُ ذلك= جَعَلوا السَّابقين الأوَّلين دون المتأخِّرين في العلم والإيمان, وهذا من مقالات الزنادقة؛ لأنه جعل بعض الأمم الأوائل من اليونان والهند ونحوهم أكمل عقلًا وتحقيقًا للأمور الإلهية والمَعَادِيَّة (٣) من هذه الأمة, فهذا مِن


(١) كذا في الأصل, والجادة: الأمران.
(٢) في العبارة قلب. وأصلحت في (ف) إلى: «من الرسل للخاصة دون عامتهم». وفي (ط) تعليقًا: أي بيانها من الرسل لخاصة الناس دون عامتهم.
(٣) أمور المعاد والبعث واليوم الآخر. وتحرفت في (ط) إلى: «وللعادية» , وفي (ف): «وللعبادية».

<<  <  ج: ص:  >  >>