للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأبو بكرٍ أفضلُ من عثمان وعلي.

وأن المدينةَ أفضلُ من بيت المقدس, والمدينةُ لا يجبُ أن يحجَّ إليها، فبيتُ المقدس لا يحجُّ إليه.

وقبرُ الرسول - صلى الله عليه وسلم - أفضلُ القبور، ولا يُشْرَعُ استلامُه وتقبيلُه، فقبرُ فلانٍ وفلانٍ لا يُشْرَعُ استلامُه وتقبيلُه.

وأمثال هذه الأقيسة ملءُ العالَم.

وهذا أبلغُ في إفادة حكم المعيَّن من ذكر العامِّ, فدلالةُ الاسم الخاصِّ على المعيَّن أبلغُ من الدلالة عليه بالاسم العام، وإن كان في العامِّ أمورٌ أخرى ليست في الخاص.

فتبيَّن أن المعلوم من الأمور المعيَّنة يُعْلَمُ بالحِسِّ وبقياس التمثيل والأقيسة المعيَّنة أعظمَ مما يُعْلَمُ أعيانها بقياس الشمول، فإذا كان قياسُ الشمول الذي حرَّروه لا يفيدُ الأمور الكلية كما تقدم، ولا يحتاجُ إليه في الأمور المعيَّنة كما تبيَّن= لم يبق فيه فائدةٌ أصلًا، ولم يُحْتَج إليه في علمٍ كُلِّيٍّ ولا علمٍ معيَّن، بل صار كلامهم في القياس الذي حرَّروه كالكلام في الحدود، وهذا هذا، فتدبَّره فإنه عظيمُ القدر.

الوجه الثالث: أن يقال: إذا كان لا بدَّ في القياس من قضيةٍ كُلِّية, والحِسُّ لا يدركُ الكليات، وإنما تُدْرَكُ بالعقل, ولا يجوزُ أن تكون معلومةً بقياس آخر، لما يلزمُ من الدور أو التسلسل= فلا بدَّ من قضايا كُلِّيةٍ تُعْقَلُ بلا قياس، كالبديهيات التي جعلوها.

فنقول: إذا وجبَ الاعترافُ بأن من العلوم الكُلِّية العقلية ما يبتدئ في

<<  <  ج: ص:  >  >>