للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم يحصُل لهم حقٌّ ينفعُهم، وإن وقعوا في باطلٍ آخر.

ومع هذا، فلا يصحُّ نسبةُ وجوبه إلى شريعة الإسلام بوجهٍ من الوجوه؛ إذ مَن هذه حالُه أُتِيَ مِن نفسِه بترك ما أمر الله به من الحقِّ حتى احتاج إلى الباطل.

ومن المعلوم أن القول بوجوبه قولُ غُلاته وجهَّال أصحابه, ونفسُ الحذَّاق منهم لا يلتزمون قوانينَه في كلِّ علومهم، بل يُعْرِضُون عنها, إما لطولها، وإما لعدم فائدتها، وإما لفسادها، وإما لعدم تميُّزها وما فيها من الإجمال والاشتباه, فإنه (١) فيه مواضعَ كثيرةً هي لحمُ جملٍ غثٍّ على رأس جبلٍ وَعْر، لا سهلٍ فيُرتقى ولا سَمِينٍ فيُنتَقل (٢).

ولهذا مازال علماءُ المسلمين وأئمَّة الدين يذمُّونه ويذمُّون أهله، وينهون عنه وعن أهله (٣) , حتى رأيتُ للمتأخرين فُتيا فيها خطوطُ جماعةٍ من أعيان زمانهم من أئمَّة الشافعية والحنفية وغيرهم، فيها كلامٌ عظيمٌ في تحريمه وعقوبة أهله.

حتى إن من الحكايات المشهورة التى بلغتنا أن الشيخ أبا عمرو بن الصَّلاح (٤)


(١). كذا في الأصل, وله نظائر في كتب المصنف.
(٢). تضمين من حديث أم زرع المشهور في البخاري (٥١٨٩) ومسلم (٢٤٤٨).
(٣). ساق السيوطي طائفة كبيرة منهم في «القول المشرق في تحريم الاشتغال بالمنطق» ضمن «الحاوي» (١/ ٣٠٠ - ٣٠٢) , ومن أقدم ذلك ما نقل عن الشافعي, لكنه لا يصح. انظر: «السير» (١٠/ ٧٤) , و «صون المنطق والكلام» (٤٨).
(٤). تقي الدين عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري الإمام الفقيه المحدث (ت: ٦٤٣). انظر: «وفيات الأعيان» (٣/ ٢٤٣) , و «طبقات الشافعية» (٨/ ٣٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>