للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحديث وما يتبعُ ذلك، ولا تجد افتراقًا واختلافًا إلا عند من ترك ذلك وقدَّم غيرَه عليه.

وقال تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: ١١٨، ١١٩] , فأخبَر أن أهل الرحمة لا يختلفون، وأهلُ الرحمة هم أتباعُ الأنبياء قولًا وفعلًا، وهم أهلُ القرآن والحديث من هذه الأمة، فمن خالفهم في شيءٍ فاته من الرحمة بقَدْر ذلك.

ولهذا لما كانت الفلاسفةُ أبعدَ عن اتِّباع الأنبياء كانوا أعظمَ اختلافًا، والخوارجُ والمعتزلةُ والروافضُ لما كانوا أيضًا أبعدَ عن السُّنة والحديث كانوا أعظم افتراقًا في هذه، لاسيَّما الرافضة، فإنه يقال: إنهم أعظمُ الطوائف اختلافًا (١) , وذلك لأنهم أبعدُ الطوائف عن السُّنة والجماعة، بخلاف المعتزلة فإنهم أقربُ إلى ذلك منهم، وكذلك الخوارجُ أقرب إلى ذلك منهم.

وأبو محمد بن قتيبة في أول كتاب «مختلف الحديث» (٢) لمَّا ذَكَر أهلَ الحديث وأئمَّتهم وأهلَ الكلام وأئمَّتهم قفَّى بذِكْر أئمَّة هؤلاء ووَصَفَ أقوالهم وأعمالهم ووَصَفَ أئمَّة هؤلاء وأقوالهم وأفعالهم, بما يبيِّن لكلِّ أحدٍ أن أهلَ الحديث هم أهلُ الحقِّ والهدى، وأن غيرهم أولى بالضلال والجهل والحَشْو والباطل.


(١). انظر: «تأويل مختلف الحديث» لابن قتيبة (١٢٤) , و «درء التعارض» (١/ ١٥٧) , و «منهاج السنة» (٣/ ٤٦٨, ٤٦٩, ٤٨٤, ٦/ ٣١١, ٣٩٠) , و «الرد على المنطقيين» (٣٣٤).
(٢). (٦٥ - ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>