للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعظمُهم تديُّنًا به واتباعًا له واقتفاءً به.

وهؤلاء هم أهلُ السُّنة والحديث، حِفظًا له, ومعرفةً بصحيحه وسقيمه، وفقهًا فيه, وفهمًا يؤتيه الله إياهم (١) في معانيه، وإيمانًا وتصديقًا، وطاعةً وانقيادًا, واقتداءً واتباعًا، مع ما يقترنُ بذلك من قوَّة عقلهم وقياسهم وتمييزهم، وعظيم مكاشَفاتهم ومخاطَباتهم، فإنهم أسَدُّ (٢) الناس نظرًا وقياسًا ورأيًا، وأصدقُ الناس رؤيا وكشفًا.

أفلا يعلمُ من له أدنى عقلٍ ودينٍ أن هؤلاء أحقُّ بالصِّدق والعلم والإيمان والتحقيق ممَّن يخالفُهم، وأن عندهم من العلوم ما ينكرُها الجاهلُ والمبتدع، والذي عندهم هو الحقُّ المبين, وأن الجاهلَ بأمرهم والمخالفَ لهم هو الذي معه من الحَشْو ما معه من الضلال؟!

وهذا بابٌ يطولُ شرحُه؛ فإن النفوسَ لها من الأقوال والأفعال ما لا يحصُره إلا ذو الجلال.

والأقوال: إخباراتٌ, وإنشاءاتٌ كالأمر والنهي.

فأحسنُ الحديث وأصدقُه كتابُ الله، خبرُه أصدقُ الخبر، وبيانُه أوضحُ البيان، وأمرُه أحكَمُ الأمر, {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ} [الجاثية: ٦].

وكلُّ من اتبع كلامًا أو حديثًا مما يقال: إنه يُلْهَمُه صاحبُه ويُوحَى إليه، أو أنه يُنْشِئه ويُحْدِثُه مما يعارض به القرآن= فهو من أعظم الظالمين ظلمًا.


(١) الأصل: «اياه» , وهو خطأ.
(٢) الأصل: «أشد» بالمعجمة, تحريف, وسبق نظيرها على الصواب (ص: ١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>