للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن ما قاله (١) له تأويلاتٌ تخالفُ ما دلَّ عليه وما يُفْهَمُ منه، وهو وإن كان لم يبيِّن مرادَه ولا بيَّن الحقَّ الذي يجبُ اعتقادُه= فكان مقصودُه أن هذا يكونُ سببًا للبحث بالعقل، حتى يَعْلَم الناسُ الحقَّ بعقولهم ويجتهدوا في تأويل ألفاظه إلى ما يوافقُ قولهم ليُثَابوا على ذلك، فلم يكن قصدُه لهم البيانَ والهداية والإرشاد والتعليم، بل قَصَد التَّعْمِيَة والتلبيس، ولم يُعَرِّفْهم الحقَّ حتى ينالوا الحقَّ بعقولهم (٢) ويعرفوا حينئذٍ أن كلامَه لم يُقْصَد به البيان.

فيجعلونَ حالهم في العلم مع عدمه خيرًا من حالهم مع وجوده!

وأولئك المتقدِّمون ــ كابن سينا وأمثاله ــ ينكرون على هؤلاء ويقولون: ألفاظُه كثيرةٌ صريحةٌ لا تقبلُ التأويل، لكن كان قصدُه التخييل وأن يعتقد الناسُ الأمرَ على خلاف ما هو عليه.

* وأما الصنف الثالث (٣) الذين يقولون: إنهم أتباع السَّلف فيقولون: إنه (٤) لم يكن يعرفُ معنى ما أُنزِل عليه من هذه الآيات، ولا أصحابُه يعلمون معنى ذلك، بل لازمُ قولهم أنه هو نفسُه لم يكن يعرفُ معنى ما تكلَّم به من أحاديث الصفات، بل يتكلَّمُ بكلامٍ لا يَعْرِفُ معناه. والذين ينتحلون مذهبَ السَّلف ويقولون (٥): «إنهم لم يكونوا يعرفون معاني النصوص»


(١) أي الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
(٢) الأصل: «بعقلهم» , وهي سائغة, وسبقت قبل قليل على الجادة.
(٣) وهم أهل التجهيل والتفويض من المتكلمين الأشاعرة والماتريدية ومن تأثر بهم من المنتسبين للسنة.
(٤) أي الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
(٥) الأصل: «يقولون». والمثبت أقوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>