للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتسميةُ هذا تأويلًا لم يكن في عُرْف السَّلف، وإنما سمَّى هذا وحده تأويلًا طائفةٌ من المتأخرين الخائضين في الفقه وأصوله والكلام، وظنَّ هؤلاء أن قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} يرادُ به هذا المعنى.

ثم صاروا في هذا التأويل على طريقين:

* قوم يقولون: إنه لا يعلمه إلا الله.

* وطائفة يقولون: إن الراسخين في العلم يعلمونه.

وكلا الطائفتين مخطئة؛ فإن هذا التأويل في كثيرٍ من المواضع ــ أو أكثرها وعامَّتها ــ من باب تحريف الكَلِم عن مواضعه، من جنس تأويلات القرامطة والباطنية, وهذا هو التأويلُ الذي اتفق سلفُ الأمة وأئمَّتها على ذمِّه، وصاحوا بأهله من أقطار الأرض ورَمَوا في آثارهم بالشُّهْبان (١).

وقد صنَّف الإمام أحمد كتابًا في الردِّ على هؤلاء، وسمَّاه «الردّ على الزنادقة والجهمية فيما شكَّت فيه من متشابه القرآن وتأوَّلتْه على غير تأويله» (٢)، فعاب أحمدُ عليها أنها تفسِّرُ القرآنَ بغير ما هو معناه.

ولم يقل أحمدُ ولا أحدٌ من الأئمَّة: إن الرسول لم يكن يعرفُ معاني


(١) جمع شهاب. وضمَّن ابن القيم هذا التعبير في «الكافية الشافية» (١/ ٢٨٨).
(٢) مال الذهبيُّ في «السير» (١١/ ٢٨٦) إلى أنه موضوعٌ على الإمام أحمد, ولم يجزم. والأشبه ثبوته عنه, وعليه أئمة الحنابلة الكبار: الخلال والقاضي أبو يعلى وابن عقيل وابن تيمية وغيرهم. وانظر احتجاج ابن القيم على صحة نسبته وردَّه على من طعن فيه في «اجتماع الجيوش الإسلامية» (٣٠٥, ٣٠٦, ٣١٨ - ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>