للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لإسرائيل أشياءَ ثم حرَّمها في التوراة، وأن هذا كان تحليلًا شرعيًّا بخطابٍ لم يكونوا استباحوه بمجرَّد البقاء على الأصل حتى لا يكون رفعُه نسخًا، كما يدعيه قومٌ منهم.

وأمَر بطلب التوراة في ذلك, وهكذا وجدناه فيها، كما حدَّثنا بذلك مُسْلِمَةُ أهل الكتاب في غير موضع (١).

وهكذا مناظرةُ الصَّابئة الفلاسفة والمشركين ونحوهم، فإن الصَّابئ الفيلسوف إذا ذَكر ما عند قدماء الصَّابئة الفلاسفة من الكلام الذي عُرِّبَ وتُرْجِمَ بالعربية, وذَكَره إما صِرفًا وإما على الوجه الذي تصرَّف فيه متأخِّروهم بزيادةٍ ونقصان، وبسطٍ واختصار، وردِّ بعضه وإتيانٍ بمعانٍ أُخَر ليست فيه, ونحو ذلك= فإنْ ذَكَر ما لا يتعلَّقُ بالدين، مثل الطبِّ والحساب المحض التي يذكرون فيها ذلك، وكتبَ من أخَذ عنهم مثل محمد بن زكريا الرازي (٢) وابن سينا ونحوهما من الزنادقة الأطباء, ما غايتُه انتفاعٌ بآثار الكفار والمنافقين في أمور الدنيا= فهذا جائز, كما تجوزُ السُّكنى في ديارهم، ولبسُ ثيابهم وسلاحهم.

وكما تجوز مُفَالَحتُهم (٣) على الأرض، كما عامل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يهودَ


(١). انظر: «بذل المجهود في إفحام اليهود» للسموأل بن يحيى (١٩ - ٥٢).
(٢). طبيب فيلسوف, ملحد في الإلهيات والنبوات, ينصر قول الفلاسفة القائلين بالقدماء الخمسة (ت: ٣١٣). انظر: «طبقات الأطباء» لابن جلجل (٧٧) , و «منهاج السُّنة» (٢/ ٥٧٢) , و «درء التعارض» (٩/ ٣٤٦) , و «بيان تلبيس الجهمية» (١/ ٤٧٧).
(٣). المفالحة: مفاعَلة من الفِلاحة, وهي المساقاة والمعاملة على الأرض. انظر: «المغني» (٧/ ٥٣٨) , و «الإقناع» (٢/ ٢٧٤) , و «المنتهى» (٣/ ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>