للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفُجور. وكلُّ من خالف الكتاب والسُّنن من خبرٍ أو أمرٍ أو عملٍ فهو ظالم, فإن الله أرسل رسلَه ليقوم الناسُ بالقِسْط، ومحمدٌ - صلى الله عليه وسلم - أفضلهم، وقد بيَّن الله له من القِسْط ما لم يبيِّنه لغيره، وأقدَره منه على ما لم يُقْدِرْ عليه غيرَه، فصار يفعلُ ويأمرُ بما لا يأمرُ به غيرُه ويفعلُه.

وذلك أن بني آدم في كثيرٍ من المواضع قد لا يعلمون حقيقةَ القِسْط ولا يَقْدِرُون على فعله، بل ما كان إليه أقربَ وبه أشبهَ كان أمثَل, وهي الطريقةُ المثلى، وقد بسطنا هذا في مواضع (١).

قال تعالى: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ} [الرحمن: ٩] , {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]، وقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أمرتكم بأمرٍ فائتوا منه ما استطعتم» (٢).

والمقصود أن ما عند عوامِّ المؤمنين وعلمائهم أهل السُّنة والجماعة من المعرفة, واليقين, والطمأنينة، والجَزْم الحقِّ, والقول الثابت، والقطع بما هم عليه= أمرٌ لا ينازِعُ فيه إلا من سلبه الله العقلَ والدين.

وهَبْ أن المخالفَ لا يُسَلِّمُ ذلك، فلا ريبَ أنهم يُخْبِرُون عن أنفسهم بذلك، ويقولون: إنهم يَجِدُون ذلك، وهو وطائفتُه يُخْبِرُون بضدِّ ذلك ولا يَجِدُون عندهم إلا الرَّيب.


(١). انظر: «الاستقامة» (١/ ٤٣٥) , و «جامع المسائل» (٢/ ٢٥٩) , و «مجموع الفتاوى» (١٠/ ٩٩, ١٨/ ١٦٧, ٢٢/ ١٣٢).
(٢). أخرجه البخاري (٧٢٨٨) ومسلم (١٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>