للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُكِّبَ الحدُّ (١) من الجنس المشترك والفصل المميِّز.

وقد يقولون: إن التصوُّرات لا تحصلُ إلا بالحدود، ويقولون: الحدود المركَّبة لا تكونُ إلا للأنواع المركَّبة من الجنس والفصل دون الأنواع البسيطة.

وقد ذكرتُ في غير هذا الموضع ملخَّص المنطق ومضمونَه، وأشرتُ إلى بعض ما دخل به على كثيرٍ من الناس من الخطأ والضلال، وليس هذا موضع بسط ذلك (٢)، لكن نذكرُ وجوهًا:

الأول: قولهم: «إن التصوُّر الذي ليس ببديهيٍّ لا يُنَالُ إلا بالحدِّ» باطل؛ لأن الحدَّ هو قولُ الحادِّ, فإن الحدَّ هنا هو القولُ الدالُّ على ماهية المحدود, فالمعرفةُ بالحدِّ لا تكونُ إلا بعد الحدِّ؛ فإن الحادَّ الذي ذكر الحدَّ إن كان عَرَفَ المحدودَ بغير حدٍّ بطَل قولُهم: «لا يُعْرَفُ إلا بالحدِّ»، وإن كان عَرَفه بحدٍّ آخر فالقولُ فيه كالقول في الأول، فإن كان هذا الحادُّ عرفه بعد الحدِّ الأول لَزِمَ الدَّور، وإن كان بآخر (٣) لَزِمَ التسلسل.

الثاني: أنهم إلى الآن لم يَسْلَم لهم حدٌّ لشيءٍ من الأشياء إلا ما يدَّعيه بعضهم وينازعُه فيه آخرون, فإن كانت الأشياء (٤) لا تُتَصوَّر إلا بالحدود لَزِمَ ألا يكون إلى الآن أحدٌ عرَف شيئًا من الأمور، ولم يبقَ أحدٌ ينتظر


(١). (ط): «يركب الحد».
(٢). سبق القول في المقدمة (ص: ١٦ - ٢٠) عما كتبه المصنف في الرد على المنطق.
(٣). (ط): «تأخر».
(٤). الأصل: «الاصول». والمثبت يدل عليه السياق, وانظر: «الرد على المنطقيين» (٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>