للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والناسُ المشهورون قد يقول أحدُهم من المسائل والدلائل ما هو حقٌّ أو فيه شبهةُ حقٍّ، فإذا أخذ الجهَّالُ ذلك فغيَّروه صار فيه من الضلال ما هو من أعظم الإفك والمحال.

والمقصود أن كلامه (١) فيه حقٌّ.

وفيه من الباطل أمور:

أحدها: قوله: «لا يتحاشى من الحشو [والتشبيه] والتجسيم» ذمٌّ للناس بأسماء ما أنزل الله بها مِن سلطان، والذي مدحُه زَيْنٌ وذمُّه شَيْنٌ هو الله.

والأسماء التي يتعلَّقُ بها المدحُ والذمُّ من الدين لا تكونُ إلا من الأسماء التي أنزل الله بها سلطانه ودلَّ عليها الكتابُ والسُّنة أو الإجماع، كالمؤمن والكافر, والعالم والجاهل، والمقتصد، والملحد.

فأما هذه الألفاظُ الثلاثة (٢) فليست في كتاب الله, ولا في حديثٍ عن رسول الله، ولا نطق بها أحدٌ من سلف الأمة وأئمَّتها لا نفيًا ولا إثباتًا, وأول من ابتدع الذمَّ بها المعتزلةُ الذين فارقوا جماعةَ المسلمين، فاتباعُ سبيل المعتزلة دون سبيل سلف الأمة تركٌ للقول السَّديد الواجب في الدين، واتباعٌ لسبيل المبتدعة الضالِّين.

وليس فيها ما يوجدُ عن بعض السَّلف ذمُّه إلا لفظ «التشبيه»، فلو اقتصَر عليه لكان له قدوةٌ من السَّلف الصالح، ولو أنه ذكَر (٣) الأسماء التي نفاها الله


(١) كلام العز بن عبد السلام المتقدم في صدر هذا الفصل.
(٢) الحشو والتشبيه والتجسيم.
(٣) الأصل: «ولولا ذكر». والمثبت أشبه بالصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>