للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعظيمُ أئمَّة الأمة وعُمومها (١) للسُّنة والحديث وأهله في الأصول والفروع من الأقوال والأعمال أكثرُ من أن يُذْكَر هنا.

وتجدُ الإسلامَ والإيمانَ كلما ظهَر وقَوِيَ كانت السُّنةُ وأهلُها أظهرَ وأقوى، وإن ظهَر شيءٌ من الكفر والنفاق ظهَرت البدعُ بحسب ذلك، مثل دولة المهديِّ والرشيد ونحوهما ممَّن كان يعظِّمُ الإسلامَ والإيمان ويغزو أعداءه من الكفَّار والمنافقين, كان أهلُ السُّنة في تلك الأيام أقوى وأكثرَ وأهلُ البدع أذلَّ وأقلَّ؛ فإن المهديَّ قتل [من] المنافقين الزَّنادقة من لا يحصي عددَه إلا الله، والرشيدَ كان كثير الغَزو والحجِّ (٢).

وذلك أنه لما انتشرت (٣) الدولةُ العباسية, وكان من أنصارها من أهل المشرق والأعاجم طوائفُ من الذين نعتهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: «الفتنةُ هاهنا» (٤) = ظهر حينئذٍ كثيرٌ من البدع, وعُرِّبت أيضًا إذ ذاك طائفةٌ من كتب الأعاجم من المجوس الفُرس والصابئين الرُّوم والمشركين الهند، وكان المهديُّ من خيار خلفاء بني العباس، وأحسنهم إيمانًا وعدلًا وجُودًا، فصار (٥)


(١). (ط): «وعوامها» , وهو خطأ.
(٢) انظر: «منهاج السنة» (٨/ ٢٤٠).
(٣) امتدَّت. انظر: «المعجب في تاريخ المغرب» (١/ ٢٣) , و «تكملة المعاجم» لدوزي (١٠/ ٢٢١).
(٤) وأشار بيده نحو المشرق. أخرجه البخاري (٣٢٧٩) ومسلم (٢٩٠٥). وانظر: «بيان تلبيس الجهمية» (١/ ١٦, ١٧) , و «مجموع الفتاوى» (٤/ ٤٤٦).
(٥) الأصل: «صار».

<<  <  ج: ص:  >  >>