للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب مثلُ كثيرٍ من الخائضين في هذا الباب من أنواع الناس, يُثْبِتُون تارةً وينفون أخرى ــ في مواضع ــ كثيرًا من الصِّفات، كما هو حالُ أبي الوفاء بن عقيل وأبي حامد الغزالي (١).

الوجه الثالث: أن باب الإثبات ليس مختصًّا بالحنبليَّة، ولا فيهم من الغلوِّ ما ليس في غيرهم، بل من استقرى مذاهبَ الناس وجد في كلِّ طائفةٍ من الغُلاة في النفي والإثبات ما لا يوجدُ مثله في الحنبليَّة، ووجد مَن مال منهم إلى نفيٍ باطلٍ أو إثباتٍ باطلٍ فإنه لا يسرفُ إسرافَ غيرهم من المائلين إلى النفي والإثبات، بل تجدُ في الطوائف من زيادة النفي الباطل والإثبات الباطل ما لا يوجدُ مثله في الحنبليَّة, وإنما الاعتداء في النفي والإثبات فيهم مما دبَّ إليهم من غيرهم الذين اعتدوا حدود الله بزيادة النفي والإثبات؛ إذ أصل السُّنة مبناها على الاقتصاد والاعتدال دون البغي والاعتداء, وكان علمُ الإمام أحمد واتِّباعه لها (٢) من الكمال والتمام على الوجه المشهور بين الخاصِّ والعام ممن له بالسُّنة وأهلها نوعُ إلمام (٣).

وأما أهل الجهل والضلال الذين لا يعرفون ما بعثَ الله به الرسول, ولا يميِّزون بين صحيح المنقول وصريح المعقول وبين الروايات المكذوبة والآراء المضطربة، فأولئك جاهلون قدرَ الرسول والسَّابقين الأوَّلين من المهاجرين والأنصار الذين نطق بفضلهم القرآن، فهم بمقادير الأئمَّة


(١) انظر: «درء التعارض» (٢/ ١٦، ٧/ ٣٣, ٢٦٣، ٨/ ٦٠, ٩/ ١٦٠، ١٠/ ٢٥٨).
(٢) للسُّنة. وفي الأصل: «له» , وهو محتمل, والمثبت أشبه. ويمكن أن تقرأ: وأتباعه بها.
(٣) انظر: «بيان تلبيس الجهمية» (٣/ ٥٤٤ - ٥٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>