اللهم حبِّب إلينا الإنصافَ وزيِّنه في قلوبنا, وكرِّه إلينا البغيَ في الحكم والفجور في الخصومة, وأغننا بمحجَّة الحق عن بنيَّات الباطل.
أما بعد, فهذا جوابٌ من أجوبة شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - التي عليها خاتمُه, خاتمُ تحقيق المنقول وتحرير المعقول, وفيها نهجُه, نهجُ الاستسلام للوحي والتأسي بصالح السلف, وبها خلائقُه, خلائقُ الصدق والعدل والمرحمة.
سئل فيه عن مذهب السلف في الاعتقاد, وهل أهل الحديث أولى بالصواب من غيرهم, فأوضح مذهبَ السلف وقرَّر سبيلهم, وانتصر لأهل الحديث وبيَّن فضلهم, ثم أنصف من نفسه فكشف عن زلل بعض من لم يُحْكِم طريقتَهم ممن ينتسبُ إليهم, وأبان عما في مذاهب مخالفيهم من الجور عن صراط رشدهم، فكان حريًّا أن يسمى بـ «الانتصار لأهل الأثر» , كما سيأتي تأويله.
وقد طُبِع من قبل باسمٍ اجتهد ناشرُه في وضعه, وهو «نقض المنطق» , فكان اسمًا لا يدلُّ على حقيقة الكتاب ولا يهدي إلى غايته, وإن هو صدَق على جزءٍ منه, إذ ربعُه الأخير قولٌ مختصرٌ في المنطق وجوابٌ عمَّن زعم أنه فرض كفاية.
ثم كان من آثار هذه التسمية أنْ ظنَّ كثيرٌ من العلماء والباحثين وعامة القراء ــ وكنت منهم ــ أنه أحدُ الكتابين المشهورَين لشيخ الإسلام في الردِّ