للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمجرَّده شيءٌ من العلوم الكلية الثابتة في الخارج.

فبطل قولهم: إنه ميزانُ العلوم الكلية البرهانية.

ولكن يُعْلَمُ به أمورٌ معيَّنةٌ شخصيةٌ جزئية، وتلك تُعْلَمُ بغيره أجودَ مما تعلم به. وهذا هو:

الوجه الثاني, فنقول: أما الأمورُ الموجودةُ المحقَّقة فتُعْلَمُ بالحِسِّ الباطن والظاهر، وتُعْلَمُ بالقياس التمثيلي، وتُعْلَمُ بالقياس الذي ليس فيه قضيةٌ كليةٌ ولا شمولٌ ولا عموم, بل تكونُ الحدودُ الثلاثةُ فيه الأصغر والأوسط والأكبر أعيانًا جزئية، والمقدمتان والنتيجة قضايا جزئية.

وعِلمُ هذه الأمور المعيَّنة بهذه الطرق أصحُّ وأوضحُ وأكمل؛ فإن من رأى بعينه زيدًا في مكانٍ وعَمرًا في مكانٍ آخر استغنى عن أن يستدلَّ على ذلك بكون الجسم الواحد لا يكونُ في مكانين. وكذلك مَن وزنَ دراهمَ كلٌّ منها ألف درهم استغنى عن أن يستدلَّ على أن كلًّا منها ألف درهم (١) بأنها (٢) مساويةٌ للصَّنْجة (٣)، وهي شيءٌ واحد، والأشياء المساويةُ لشيءٍ واحدٍ متساوية. وأمثالُ ذلك كثير.

ولهذا يسمَّى هؤلاء «أهل كلام» , أي لم يفيدوا علمًا لم يكن معروفًا، وإنما أتوا بزيادة كلامٍ قد لا يفيد، وهو ما ضربوه من القياس لإيضاح ما عُلِمَ بالحس، وإن كان هذا القياسُ وأمثاله يُنْتَفَعُ به في موضعٍ آخر، ومع من ينكرُ الحسَّ، كما سنذكره إن شاء الله.


(١). الأصل: «على كل منها ألف درهم». (ط): «على ألف درهم منها». والمثبت أقوم.
(٢). الأصل: «فانها». والصواب المثبت.
(٣). صنجة الميزان: ما يوزنُ به.

<<  <  ج: ص:  >  >>