للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأشاعرة في قديم الدهر متفقين غير مفترقين، حتى حدثت فتنة ابن القُشَيري».

ثم بعد حدوث الفتنة وقبلها لا تجدُ من يمدحُ الأشعريَّ يمدحُه (١) إلا إذا وافق السُّنة والحديث, ولا يذمُّه من يذمُّه إلا بمخالفة السُّنة والحديث.

وهذا إجماعٌ من جميع هذه الطوائف على تعظيم السُّنة والحديث، واتفاقُ شهاداتهم على أن الحقَّ في ذلك.

ولهذا تجدُ أعظمهم موافقةً لأئمة السُّنة والحديث أعظمَ عند جميعهم ممَّن هو دونه:

فالأشعريُّ نفسُه لمَّا كان أقربَ إلى قول الإمام أحمد ومن قبله من أئمَّة السُّنة كان عندهم أعظم من أتباعه.

والقاضي أبو بكر ابن الباقلاني لمَّا كان أقربهم إلى ذلك كان أعظم عندهم من غيره.

وأما مثلُ الأستاذ أبي المعالي وأبي حامد (٢) ونحوهما ممَّن خالفوا أصولَه (٣) في مواضع, فلا تجدُهم يُعَظَّمون إلا بما وافقوا فيه السُّنة والحديث, وأكثرُ ذلك تقلَّدوه من مذهب الشافعيِّ في الفقه الموافق للسُّنة


(١). الأصل: «بمدحة» , وهو محتمل, والمثبت أشبه بالصواب, بدلالة نظيره في قوله: ولا يذمه من يذمه.
(٢). أبو المعالي الجويني وأبو حامد الغزالي.
(٣). أصول أبي الحسن الأشعري.

<<  <  ج: ص:  >  >>