للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (٣٠) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} [الفرقان: ٣٠، ٣١] , فبيَّن أن من هَجَر القرآنَ فهو من أعداء الرُّسل، وأن هذا أمرٌ لا بدَّ منه، ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (٢٧) يَاوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} [الفرقان: ٢٧ ــ ٢٩].

والله تعالى قد أرسل نبيَّه محمدًا إلى جميع العالمين، وضرَبَ الأمثالَ فيما أرسله به لجميعهم، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [الزمر: ٢٧] , فأخبر أنه ضرَبَ لجميع الناس في هذا القرآن من كلِّ مَثَل.

ولا ريب أن الألفاظَ في المخاطَبات تكونُ بحسب الحاجات كالسِّلاح في المحاربات (١) , فإذا كان عدوُّ المسلمين هم في تحصُّنهم وتسلُّحهم على صفةٍ غير الصفة التي كانت عليها فارسُ والروم= كان جهادُهم بحسب ما توجبُه الشريعةُ التي مبناها على تحرِّي ما هو لله أطوعُ وللعبد أنفع (٢) وهو الأصلحُ في الدنيا والآخرة.


(١). ومن يتكلف السجع والمحسنات البديعية دون فائدة مطلوبة من المعاني «كالمجاهد الذي يزخرف السلاح وهو جبان». «منهاج السنة» (٨/ ٥٥).
(٢). انظر: «منهاج السنة» (٤/ ٤٤) , و «الاستقامة» (١/ ٣٤٠) , و «الجواب الصحيح» (٦/ ٤٢) , و «مجموع الفتاوى» (٧/ ٦٥٢, ٢٢/ ٣٠٠, ٣١٣) , و «جامع المسائل» (٦/ ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>