للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يكون الخبيرُ بحروبهم أقدرَ على حربهم ممَّن ليس كذلك، لا لفضل قوَّته وشجاعته ولكن لمجانسَته لهم، كما يكونُ الأعجميُّ المتشبِّه بالعرب ــ وهم خيارُ العجم ــ أعلمَ بمخاطبة قومه الأعاجم من العربي، وكما يكونُ العربيُّ المتشبِّه بالعجم ــ وهم أدنى العرب ــ أعلمَ بمخاطبة العرب من العجمي, فقد جاء في الحديث: «خيارُ عَجَمِكم المتشبِّهون بعَرَبكم، وشِرارُ عَرَبكم المتشبِّهون بعَجَمكم» (١).

ولهذا لمَّا حاصَر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أهلَ الطائف رماهم بالمَنْجَنِيق (٢)، وقاتَلهم قتالًا لم يقاتِل مثلَه في المُزَاحَفة (٣) في يوم بدرٍ وغيره.

وكذلك لمَّا حُوصِر المسلمون عام الخندَق اتخَذوا من الخندق ما لم يحتاجوا إليه في غير الحصار. وقد قيل: إن سلمان أشار عليهم بذلك (٤)، فسلَّموا ذلك لأنه طريقٌ إلى فعل ما أمر الله به ورسوله.


(١). لم أجد له أصلًا, ولم يورده المصنف فيما رأيت من كتبه.
(٢). الرواية في هذا الباب ليِّنة, وأمثل ما فيها مرسل مكحول عند ابن سعد في «الطبقات» (٢/ ١٤٦) , وأبي داود في «المراسيل» (٣٣٥). انظر: «نصب الراية» (٣/ ٣٨٢) , و «البدر المنير» (٩/ ٩٣, ٩٦) , و «التلخيص الحبير» (٤/ ١٩٦) , و «مرويات غزوة حنين وحصار الطائف» للقريبي (١/ ٢٩٣ - ٢٩٧).
(٣). وهي الدنوُّ والمقاربة إذا التقى الصَّفَّان, كما قال تعالى في بدر: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا} أي مزاحفة.
(٤). ذكره أصحاب المغازي والسير. انظر: «مغازي الواقدي» (٢/ ٤٤٥) , و «فتح الباري» (٧/ ٣٩٢) , و «مرويات غزوة الخندق» للمدخلي (١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>