من الآخرين وأقربُ إلى الحق، فتجدُ كلامَ أهل النِّحَل فيهم وحالهم [معهم] بمنزلة كلام أهل المِلَل مع المسلمين وحالهم معهم.
وإذا قابلنا بين الطائفتين ــ أهل الحديث وأهل الكلام ــ فالذي يعيبُ بعضَ أهل الحديث وأهل الجماعة بحَشْو القول إنما يعيبُهم بقلَّة المعرفة أو بقلة الفهم, أما الأول فأن يحتجوا بأحاديثَ ضعيفةٍ وموضوعةٍ وآثارٍ لا تصلحُ للاحتجاج، وأما الثاني فأن لا يفهموا معاني الأحاديث الصحيحة، بل قد يقولون القولين المتناقضَين ولا يهتدون للخروج من ذلك.
والأمر راجعٌ إلى شيئين, إما زيادةُ أقوالٍ غير مفيدةٍ تُظَنُّ أنها مفيدة، كالأحاديث الموضوعة، وإما أقوالٌ مفيدةٌ لكنهم لا يفهمونها، إذ كان اتِّباعُ الحديث يحتاجُ أولًا إلى صحَّة الحديث, وثانيًا إلى فهم معناه، كاتِّباع القرآن. فالخللُ يدخلُ عليهم من ترك إحدى المقدِّمتين, ومَن عابهم من الناس إنما يعيبُهم بهذا.
ولا ريب أن هذا موجودٌ في بعضهم، يحتجُّون بأحاديثَ موضوعةٍ في مسائل الأصول والفروع وبآثارٍ مفتعلةٍ وحكاياتٍ غير صحيحة، ويذكُرون من القرآن والحديث ما لا يفهمون معناه، وربَّما تأوَّلوه على غير تأويله ووضعوه على غير موضعه (١).
ثم إنهم بهذا المنقول الضَّعيف والمعقول السَّخيف قد يكفِّرون ويضلِّلون ويُبَدِّعون أقوامًا من أعيان الأمة ويُجَهِّلون، ففي بعضهم من