أو غيرُه ــ مِن أشهر الطوائف بالبدع, كالرَّافضة= لكان ينبغي أن يذكُر الحجَّة ويَعْدِلَ عما لا فائدة فيه إذا كان في مقام الردِّ عليهم، دَعْ والمنازعون له كما ادعاه هم عند جميع الناس أعلمُ منه بالأصول والفروع.
وهو في كلامه وردِّه لم يأت بحجَّةٍ أصلًا, لا حجَّةٍ سمعيةٍ ولا عقلية, وإنما اعتمَد تقليدَ طائفةٍ من أهل الكلام قد خالفها أكثرُ منها من أهل الكلام, فقلَّدهم فيما زعموا أنه حجةٌ عقلية، كما فعل هذا المعترض. ومن يردُّ على الناس بالمعقول إن لم يبيِّن حجَّةً عقليةً وإلا كان قد أحال الناس على المجهولات، كمعصوم الرافضة وغَوْث بعض الصُّوفية (١).
فأما قوله: «إن مثل هؤلاء لا يحدَّثون»، فيقال له: قد بعث الله الرُّسل إلى جميع الخلق ليدعوهم إلى الله، فمن الذي أسقط الله مخاطبتَه من الناس؟ دَعْ من تعرفُ أنت وغيرُك مِن فضلهم ما ليس هذا موضعه، ولو أراد سفيهٌ أن يردَّ على الرَّادِّ بمثل ردِّه لم يعجَز عن ذلك.
وكذلك قوله: «إنهم يكابرون العقول» , فنقول: المكابرةُ للعقول إما أن
(١). وهم غلاتهم الذين يعتقدون أن هناك رجلًا واحدًا في الكون هو موضع نظر الله من العالم في كل زمان، يقال له: «الغوث» و «القطب» , يسري في الكون سريان الروح في الجسد، بيده قسطاس الفيض الأعم، يفيض روح الحياة على الكون ويغيث أهل الأرض ويقضي حوائجهم. انظر: «الفتوحات المكية» (٣/ ٢٤٤) , و «اصطلاحات الصوفية» للكاشاني (١٤١) , و «الصفدية» (١/ ٢٦٢) , و «درء التعارض» (٥/ ٣١٦) , و «منهاج السنة» (١/ ٩١, ٩٣, ٩٥) , و «بيان تلبيس الجهمية» (٢/ ٢٦٠) , و «مجموع الفتاوى» (٢/ ٥٨, ١١/ ٣٦٤, ٤٣٣, ٤٣٧, ٤٤٢, ٢٧/ ٩٦ - ١٠٥) , وفتوى في الغوث والقطب ضمن «جامع المسائل» (٢/ ٧ - ١١٥).