المعنى عامٌّ للإنسان ولغيره من الحيوان، بمعنى أن ما في هذا نظيرُ ما في هذا؛ إذ ليس في الأعيان الخارجة عموم, وهذا المعنى يختصُّ بالإنسان, فلا فرق بين قولك: الإنسانُ حيوانٌ ناطق والإنسان هو الحيوان الناطق, إلا من جهة الإحاطة والحصر في الثاني، لا من جهة تصوير حقيقته باللفظ. والإحاطة والحصرُ هو التمييزُ الحاصلُ بمجرَّد الاسم، وهو قولك: إنسانٌ وبَشَر, فإن هذا الاسم إذا فُهِمَ مسمَّاه أفاد من التمييز ما أفاده الحيوانُ الناطقُ في سلامته عن المطاعن.
وأما تصوُّر أن فيه معنًى عامًّا ومعنًى خاصًّا، فليس هذا من خصائص الحدِّ، كما تقدم. والذي يختصُّ بالحدِّ ليس إلا مجرَّد التمييز الحاصل بالأسماء. وهذا بيِّنٌ لمن تأمَّله.
وأما إدراكُ صفاتٍ فيه بعضها مشتركٌ وبعضها مختصٌّ، فلا ريب أن هذا قد لا يُتَفطَّنُ له بمجرَّد الاسم، لكن هذا يُتَفطَّنُ له بالحدِّ وبغير الحدِّ.
فليس في الحدِّ إلا ما يوجدُ في الأسماء، أو في الصِّفات التي تُذْكَر للمسمَّى. وهذان نوعان معروفان:
الأول: معنى الأسماء المفردة.
والثاني: معرفة الجمل المركَّبة الاسمية والفعلية التي يُخْبَر بها عن الأشياء وتوصفُ بها الأشياء.
وكلا هذين النوعين لا يفتقرُ إلى الحدِّ المتكلَّف.
فثبت أن الحدَّ ليس فيه فائدةٌ إلا وهي موجودةٌ في الأسماء والكلام بلا تكلُّف، فسقطت فائدةُ خصوص الحدِّ.