للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما كان كلُّ واحدٍ من أهل المُلك والعلم قد يعارضون الرُّسلَ وقد يتابعونهم، ذكَر الله ذلك في كتابه في غير موضع, فذكَر فرعون، والذي حاجَّ إبراهيمَ في ربِّه لما آتاه الله المُلك، والملأ من قوم نوحٍ وعادٍ وغيرهم من المستكبرين المكذِّبين للرُّسل، وذكر قولَ علمائهم، كقوله: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٨٣) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (٨٤) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ} [غافر: ٨٣ - ٨٥].

وقال تعالى: {مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ} إلى قوله: {وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} إلى قوله: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} [غافر: ٤ ــ ٣٥]، والسلطان هو الوحي المنزل من عند الله، كما ذكر ذلك في غير موضع، كقوله: {أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ} [الروم: ٣٥]، وقوله: {مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [الأعراف: ٧١]، وقال ابنُ عباس: «كلُّ سلطانٍ في القرآن فهو الحجَّة». ذكره البخاريُّ في صحيحه (١).


(١) تعليقًا (٦/ ٨٢) , ووصله عبد الرزاق في تفسيره (١٦٥٨) وغيره بإسنادٍ صحيح, وروي من وجوه أخرى, وخرجه الضياء في «المختارة» (١٠/ ٣٣٥) , وصححه ابن حجر في «فتح الباري» (٩/ ٣٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>