للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمور التي يخوضون فيها التي هي قليلةُ المنفعة، وأكثرُ منفعتها إنما هي في الأمور الدنيوية، وقد يستغنى عنها في الأمور الدنيوية أيضًا.

فأما أن يوزنَ بهذه الصِّناعة ما ليس من علومهم وما هو فوق قَدْرهم، أو يوزنَ بها ما يوجبُ السعادةَ والنعيم, والنجاةَ من العذاب الأليم، فهذا أمرٌ ليس هو فيها، و {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: ٣].

والقومُ وإن كان لهم ذكاءٌ وفطنة، وفيهم زهدٌ وأخلاق، فهذا القَدْرُ لا يوجبُ السعادةَ والنجاة من العذاب إلا بالأصول المتقدمة من الإيمان بالله وتوحيده وإخلاص عبادته، والإيمان برسله واليوم الآخر، والعمل الصالح. وإنما قوَّةُ الذكاء بمنزلة قوَّة البدن وقوَّة الإرادة، فالذي يؤتى فضائل علميةً وإراديةً بدون هذه الأصول بمنزلة من يؤتى قوَّةً في جسمه وبدنه بدون هذه الأصول.

وأهلُ الرأي والعلم بمنزلة أهل المُلك والإمارة، وكلٌّ من هؤلاء وهؤلاء لا ينفعُه ذلك شيئًا إلا أن يعبد الله وحده لا شريك له، ويؤمن برسله وباليوم الآخر. وهذه الأمورُ متلازمة؛ فمن عبد الله وحده لزم أن يؤمنَ برسله ويقرَّ باليوم الآخر, واستحقَّ الثواب, وإلا كان من أهل الوعيد (١) , ولا يخلَّد عليه العذابُ (٢) إلا إذا قامت (٣) عليه الحجَّةُ بالرُّسل.


(١) انظر: «تفسير آيات أشكلت» (١/ ٢٦٦).
(٢) كذا في الأصل, وفي الطرة: «في نسخة: ويخلد عليه العذاب, بغير لام».
(٣) الأصل: «هذا إذا قامت». وأرجو أن الصواب ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>