للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدلَّ الكتابُ والسُّنة على أن الله يؤتي أتباعَ هذا الرَّسول مِن فضله ما لم يؤتِه لأهل الكتابَيْن قبلهم، فكيف بمن هو دونهم من الصابئة؟ دَع مبتدعةَ الصَّابئة من المتفلسفة ونحوهم.

ومن المعلوم أن أهل الحديث والسُّنة أخصُّ بالرَّسول وأتباعه (١)، فلهم مِن فضل الله وتخصيصه إيَّاهم بالعلم والحِلم وتضعيف الأجر ما ليس لغيرهم (٢)، كما قال بعضُ السَّلف: «أهل السُّنة في الإسلام كأهل الإسلام في المِلَل» (٣).

فهذا الكلام تنبيهٌ على ما يظنُّه أهل الجهالة والضَّلالة مِن نقص الصَّحابة في العلم والبيان، أو اليد والسِّنَان، وبسطُ هذا لا يحتملُه هذا المقام.

والمقصود التنبيهُ على أن كلَّ من زعَم بلسان حاله أو مقاله أن طائفةً غيرَ أهل الحديث أدركوا مِن حقائق الأمور الباطنة الغيبيَّة في أمر الخلق والبعث والمبدأ والمعاد، وأمر الإيمان بالله واليوم الآخر، وتعرُّف واجب الوجود, والنفس الناطقة (٤) , والعلوم والأخلاق التي تزكو بها النفوسُ وتَصْلُح


(١) يعني أصحابه, كما تقدم (ص: ١٣٤).
(٢) الأصل: «لهم». وأصلحت في (ط).
(٣) أخرجه ابن عدي في «الكامل» (٥/ ٤٥) , واللالكائي في «أصول اعتقاد أهل السُّنة» (٥٤) , والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» (١٥١٨, ١٥١٩) , وغيرهم عن أبي بكر بن عياش قال: «السُّنة في الإسلام أعزُّ من الإسلام في سائر الأديان» , وفي رواية: «السُّنة في الإسلام كالإسلام في الشرك».
(٤) وهي الروح, كما تسميها الفلاسفة. انظر: «التدمرية» (٥٢) , و «الصفدية» (٢/ ٢٦٧) , و «منهاج السُّنة» (٢/ ٥٧٩) , و «الجواب الصحيح» (٣/ ٤٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>