للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هؤلاء (١) على ذلك بعد أن ادَّعى قِدَمها، وقلت: بل أنتَ صنَّفتَها، فأقرَّ أنه صنَّفها ولبَّسَها على بعض ملوك المسلمين لمَّا كان المسلمون محاصِري عكَّا، وكذلك غيرُه من القضاة وغيرهم لبَّسوا على غير هذا المَلِك.

وبابُ الكذب في الحوادث الكونيَّة أكثرُ منه في الأمور الدينية؛ لأن تشوُّفَ الذين يُغَلِّبون الدنيا على الدين إلى ذلك أكثر، وإن كان لأهل الدين إلى ذلك تشوُّفٌ لكن تشوُّفَهم إلى الدين أقوى، وأولئك ليس لهم من الفُرقان بين الحقِّ والباطل ومن النور (٢) ما لأهل الدين, فلهذا كَثُر الكذَّابون في ذلك ونَفَقَ منه شيءٌ كثير، وأُكِلَت به أموالٌ عظيمةٌ بالباطل، وقُتِلَت به نفوسٌ كثيرةٌ من المتشوِّفة إلى المُلْك ونحوها.

ولهذا ينوِّعُون طرقَ الكذب في ذلك, ويَعْتَمِدون الكذبَ فيه تارةً بالإحالة على الحركات والأشكال الجِسْمانية الإلهيَّة (٣) من حركات الأفلاك والكواكب والشُّهُب والرُّعود والبُروق والرياح وغير ذلك (٤).

وتارةً بما يُحْدِثُونه (٥) هم من الحركات والأشكال، كالرَّمل (٦) والحصى


(١) لعله القاضي ابن السرَّاج. انظر: «ملاحم ابن أبي عقب» للقونوي (٣٧ - ٤٥).
(٢) الأصل: «من النور». والمثبت أشبه بالصواب.
(٣) التي لا دخل للإنس والجن في تحريكها وإحداثها. (ط)
(٤) كاختلاج الأعضاء. انظر: «بغية المرتاد» (٣٢٨) , و «منهاج السنة» (٢/ ٤٦٤, ٤/ ٥٤, ٧/ ٥٣٤) , و «مجموع الفتاوى» (١١/ ٥٨٢, ٣٥/ ١٨٣).
(٥) الأصل: «يجدونه» , وسيأتي بعد قليل: «فكل ما يحدثه الإنسان ... ».
(٦) (ط): «كالضرب بالرمل».

<<  <  ج: ص:  >  >>