للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشَّعير والقُرعة بأبجَد (١) ونحو ذلك مما هو من جنس الاستقسام بالأزلام، فإنهم يطلبون علمَ الحوادث بما يفعلونه من الاستقسام بها، سواء كانت قِداحًا أو حصًى أو غير ذلك مما ذكره أهلُ العلم بالتفسير (٢).

فكلُّ ما يُحْدِثُه الإنسانُ بحركةٍ من تغيير شيءٍ من الأجسام ليستَخرِجَ به علمَ ما يجهلُه (٣) فهو من هذا الجنس، بخلاف الفَأل الشَّرعيِّ، وهو الذي كان يُعْجِبُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو أن يخرج متوكِّلًا على الله، فيسمع الكلمةَ الطيبةَ, «وكان يُعْجِبُه الفأل، ويكرهُ الطِّيَرة» (٤)؛ لأن الفأل تقويةٌ لما فَعَله بإذن الله والتوكُّل عليه، والطِّيَرةُ معارضةٌ لذلك، فكُرِه للإنسان (٥) أن يتطيَّر، وإنما تضرُّ الطيرةُ مَن تطيَّر لأنه ضرَّ نفسَه، فأما المتوكِّلُ على الله فلا.

وليس المقصودُ ذِكر هذه الأمور وسبب إصابتها تارةً وخطئها تارات, وإنما الغرض أنهم يتعمَّدون (٦) فيها كذبًا كثيرًا من غير أن تكون دلَّت على


(١) الأصل: «باليد». وهو تحريف. قال المصنف: «وكما يستقسم ناسٌ بالقرعة المأمونية المكتوب عليها أب ج د» , وهي القرعة الشركية لا الشرعية. انظر: «جامع المسائل» (٢/ ١٧٠, ٧/ ٢٨٣) , و «منهاج السنة» (٨/ ١١) , و «مجموع الفتاوى» (٢٣/ ٦٧) , و «مدارج السالكين» (٢/ ٤٦٢) , و «زاد المعاد» (٢/ ٤٠٥, ٥/ ٦٩٧).
(٢) انظر: تفسير القرطبي (٧/ ٢٨٧).
(٣) الأصل: «يفعله». وأصلحت في (ط): «يستقبله». والمثبت أقرب.
(٤) أخرجه أحمد (٨٣٩٣) , وابن ماجه (٣٥٣٦) , وصححه ابن حبان (٦١٢١).
(٥) الأصل: «فيكره الإنسان». وفي (ط): «للإنسان» , والمثبت أشبه.
(٦) كذا في الأصل, ويصح أن تكون: «يعتمدون» , وكذلك المواضع التالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>