للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان علمُ الإنسان بكونه عالمًا مرجعُه إلى وجوده ذلك وإحساسه في نفسه بذلك, وهذا أمرٌ موجودٌ بالضرورة= لم يكن لهم (١) أن يخبروا عما في نفوس الناس بأنه ليس بعلمٍ بغير حجَّة، فإن عدمَ وجودهم مِن نفوسهم ذلك لا يقتضي أن الناسَ لم يجدوا ذلك، لا سيَّما إذا كان المُخْبِرون عن اليقين الذي في أنفسهم ممَّن لا يشكُّون في علمه وصدقه ومعرفته بما يقول.

وهذا حالُ أئمة المسلمين وسلف الأمة وحملة الحجَّة، فإنهم يخبرون بما عندهم من اليقين والطُّمأنينة والعلم الضروريِّ، كما في الحكاية المحفوظة عن نجم الدين الكُبْرى (٢) لما دخل عليه متكلِّمان، أحدهما أبو عبد الله الرازي (٣)، والآخر من متكلِّمي المعتزلة، وقالا: يا شيخ، بَلَغَنا أنك تَعْلَمُ علمَ اليقين, فقال: نعم أنا أعلمُ علمَ اليقين، فقالا: كيف يُمْكِنُ ذلك


(١). أي المتكلمين في قولهم المتقدم عن عوامِّ أهل السنة: إنهم جَزَموا بغير دليل وصمَّموا بغير حجَّة وإنما معهم التقليد.
(٢). أبو الجنَّاب الصُّوفي. قال المصنف: هو من أجلِّ شيوخ خوارزم وأصحِّهم إسلامًا وأبعدهم عما يخالف الكتاب والسنة. استشهد على أيدي التتار سنة ٦١٨. انظر: «جامع المسائل» (٤/ ٣٩٣) , و «تاريخ الإسلام» (١٣/ ٥٣٧). له مصنفاتٌ كثيرة في التفسير والتصوف, طُبِع بعضها, وتنسبه الشيعةُ إليهم وهو منهم براء, ولم يحظ بدراسةٍ تليق به سوى ما كتبه يوسف زيدان في مقدمة تحقيقه لكتابه «فوائح الجمال وفواتح الجلال» , ويستحقُّ أن يدرس منهجه وأثره في رسالة علمية.
(٣). فخر الدين الرازي.

<<  <  ج: ص:  >  >>