للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم أرَ إلا واضعًا كفَّ حائرٍ ... على ذَقَنٍ أو قارِعًا سِنَّ نادم

* وابنُ الفارض ــ من متأخري الاتحادية, صاحب القصيدة التائيَّة المعروفة بـ «نظم السُّلوك» (١)، وقد نَظَم فيها الاتحادَ نظمًا رائق اللفظ (٢)، فهو أخبثُ من لحم خنزيرٍ في صينيَّةٍ من ذهب، وما أحسنَ تسميتَها بـ «نظم الشُّكوك»، الله أعلمُ بها وبما اشتملت عليه، ونَفَقَت كثيرًا، وبالغ أهلُ العصر في تحسينها والاعتذار عما (٣) فيها من الاتحاد ــ لمَّا حضرته الوفاة أنشد (٤):

إن كان منزلتي في الحبِّ عندكمُ ... ما قد لَقِيتُ لقد ضيَّعتُ أيامي

أمنيَّةٌ ظَفِرتْ نفسي بها زمنًا ... واليوم أحسَبها أضغاثَ أحلام

ولهذا كان من أصول الإيمان أن يُثبِّتَ الله العبد بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (٢٤) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ


(١) ديوانه (٣١ - ٨٢) , ولها شروح كثيرة. انظر: «كشف الظنون» (١/ ٢٦٦).
(٢) غير محررة في الأصل, وتشبه أن تكون: «وافق اللغة» , والمثبت أقوم بالمراد. وقال في موضع آخر: «وشعره في صناعة الشعر جيد, ولكنه كما قيل: لحم خنزير في طبق صيني». «مجموع الفتاوى» (٢/ ٤٧٢). وهؤلاء الاتحادية «يسقون الناسَ شرابَ الكفر والإلحاد في آنية أنبياء الله وأوليائه». «مجموع الفتاوى» (٢/ ٣٦٠).
وانظر: «الكواكب الدرية في تراجم الصوفية» للمناوي (٢/ ٤٢١).
(٣) الأصل: «بما». (ط): «والاعتداد بما». وكلاهما تحريف. وانظر: «مجموع الفتاوى» (٢/ ٢٩٧, ٣٦٧, ٣٧٩) , و «المستدرك على الفتاوى» (١/ ٣٩) , و «نزهة الأنام» لابن دقمقاق (٧١).
(٤) البيتان في ديوانه (١٣٨) , والحكاية في «نزهة الأنام» لابن دقماق (٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>