للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمَره الشرعُ بما يوجبُ أن يُنْزِل على قلبه الأسبابَ الهادية ويصرفَ عنه الأسبابَ المُعَوِّقة، وهو ذِكرُ الله تعالى، فإن الشيطان وسواسٌ خنَّاس، فإذا ذكر العبد ربَّه خَنَس، وإذا غفل عن ذكر الله وَسْوَس.

وذِكرُ الله يُعْطِي الإيمانَ، وهو أصلُ العلم (١) , والله سبحانه ربُّ كلِّ شيءٍ ومليكُه، وهو معلِّمُ كلِّ علمٍ وواهبُه، فكما أن نفسَه أصلٌ لكلِّ شيءٍ موجودٍ فذكرُه والعلمُ به أصلٌ لكلِّ علمٍ وذكرٍ في القلب.

والقرآنُ يُعْطِي العلمَ المفصَّلَ, فيزيدُ الإيمان، كما قال جُنْدُبُ بن عبد الله البَجَليُّ وغيرُه من الصحابة: «تعلَّمنا الإيمانَ، ثم تعلَّمنا القرآنَ، فازددنا إيمانًا» (٢).

ولهذا كان أولُ ما أنزلَ الله على نبيِّه: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} , فأمرَه أن


(١) الأصل: «أصل الإيمان». والمثبت هو الصواب ويدل عليه السياق. وانظر: «مجموع الفتاوى» (٢/ ١, ٤, ١٠/ ٣٦٠). وفي (ط) تعليقًا: لعل الأولى «وهو أصل الهدى»، [والمراد بنفسه] أي ذات الله تعالى المقدسة بأسمائه وصفاته وهو الذي خلق الأشياء وأعطاها كل ما يناسب خلقها.
(٢) أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (٢/ ٢٢١) , وابن ماجه (٦١) , وعبد الله بن أحمد في «السنة» (٧٩٩, ٨٢٥) , وابن عدي في «الكامل» (٣/ ٣٠) , وغيرهم عن جندب - رضي الله عنه - , وفي إسناده تفردٌ يغتفرُ مثله, وصححه البوصيري في «مصباح الزجاجة» (١/ ١٢).
وروي هذا المعنى عن ابن عمر - رضي الله عنهما -. أخرجه ابن منده في «الإيمان» (٢٠٧) , والحاكم (١/ ٣٥) , والبيهقي (٣/ ١٢٠) وغيرهم بإسنادٍ حسن, وصححه ابن منده على رسم مسلم, والحاكم على شرط الشيخين.

<<  <  ج: ص:  >  >>