للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقرأ باسم الله، فتضمَّن هذا الأمرَ بذكر الله وما نَزَلَ من الحق، وقال: {بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: ١ ــ ٥] , فذكَر سبحانه أنه خلقَ الأعيانَ الموجودة عمومًا وخصوصًا وهو الإنسان، وأنه المعلِّمُ للعلم عمومًا وخصوصًا للإنسان، وذكَر التعليمَ بالقلم الذي هو آخرُ المراتب ليستَلزِمَ تعليمَ القول وتعليمَ العلم الذي في القلب.

وحقيقةُ الأمر أن العبد مفتقرٌ إلى ما يسأله من العلم والهدى طالبٌ سائل، فبذكرِ الله والافتقار إليه يهديه الله ويدلُّه، كما قال: «يا عبادي، كلُّكم ضالٌّ إلا من هديتُه، فاستَهْدُوني أَهْدِكم» (١) , وكما كان - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهم ربَّ جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطرَ السموات والأرض، عالمَ الغيب والشهادة، أنت تحكمُ بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختُلِفَ فيه من الحقِّ بإذنك، إنك تهدي من تشاءُ إلى صراطٍ مستقيم» (٢).

ومما يوضح ذلك أن الطالبَ للعلم بالنظر والاستدلال والتفكُّر والتدبُّر لا يحصُل له ذلك إن لم ينظر في دليلٍ يفيدُه العلمَ بالمدلول عليه، ومتى كان العلمُ مستفادًا بالنظر فلا بدَّ أن يكون عند الناظر من العلم المذكور الثابت في قلبه ما لا يحتاجُ حصولُه إلى نظر، فيكونُ ذلك المعلومُ أصلًا وسببًا للتفكُّر الذي يطلبُ به معلومًا آخر.


(١) أخرجه مسلم (٢٥٧٧).
(٢) أخرجه مسلم (٧٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>