للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسنَّةُ خلفائه الراشدين هي ممَّا أمر اللهُ به ورسوله، وعليه أدلةٌ شرعيةٌ مفصَّلةٌ ليس هذا موضعها (١).

فكما أن الله بيَّن في كتابه مخاطبةَ أهل الكتاب، وأقام عليهم الحجة بما بيَّنه من أعلام رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - , وما في كتبهم من ذلك، وما حرَّفوه وبدَّلوه من دينهم، وصدَّق بما جاءت به الرُّسل قبله, حتى إذا سَمِع ذلك الكتابيُّ العالِمُ المنصفُ وجَد ذلك كلَّه من أبين الحجَّة وأقوم المحجَّة.

والمناظرةُ والمحاجَّةُ لا تنفعُ إلا مع العدل والإنصاف، وإلا فالظالمُ يجحدُ الحقَّ الذي يعلمه ــ وهو المُسَفْسِطُ والمُقَرْمِط (٢) ــ، ويمتنعُ عن الاستماع والنظر في طريق العلم ــ وهو المُعْرِضُ عن النظر والاستدلال ــ.

فكما أن الإحساسَ الظاهرَ لا يحصُل للمعرِض ولا يقومُ للجاحد، فكذلك الشُّهودُ الباطنُ لا يحصُل للمعرِض عن النظر والبحث، بل طالبُ


(١). انظر: «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٣٠٨, ٣١/ ٣٧, ٣٥/ ٢٢ - ٢٣).
(٢). المسفسط: ينكر الحقائق الموجودة بالتمويه والتلبيس والمغالطة. والمقرمط: يجعل للنص معنًى باطنًا يخالف ظاهره بلا برهان. فالسفسطة في العقليات والقرمطة في السمعيات. انظر: «منهاج السنة» (١/ ٢٧٩) , و «الصفدية» (٢/ ١٥٨) , و «بغية المرتاد» (٣٢٧) , و «النبوات» (٦٢٥) , و «بيان تلبيس الجهمية» (١/ ٤٥٧, ٢/ ١٠٠, ٥/ ٣٨, ٢٨٣, ٣٨٧) , و «درء التعارض» (١/ ٢١٨, ٢٧٦, ٢٧٩, ٢٨٦, ٢/ ١٥, ٥/ ٣٤, ٢٥٦, ٨/ ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>