للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فالواجبُ] قبولُ الحقِّ وردُّ الباطل، والحقُّ من ذلك لا يكونُ بيانُ صفة الحقِّ فيه كبيان صفة الحقِّ في القرآن, فالأمرُ في هذا موقوفٌ على معرفة القرآن ومعانيه وتفسيره وترجمته.

والترجمةُ والتفسير ثلاثُ طبقات (١):

أحدها: ترجمةُ مجرَّد اللفظ، مثل نقل اللفظ بلفظٍ مرادِف، ففي هذه الترجمة يريدُ أن تَعْرِفَ أن الذي يعنى بهذا اللفظ عند هؤلاء هو بعينه الذي يعنى باللفظ عند هؤلاء. فهذا علمٌ نافع؛ إذ كثيرٌ من الناس يقيِّدُ المعنى باللفظ، فلا يجرِّدُه عن اللفظين جميعًا.

والثانية: ترجمةُ المعنى وبيانُه, بأن يصوِّر المعنى للمخاطَب، فتصويرُ المعنى له وتفهيمُه إياه قدرٌ زائدٌ على ترجمة اللفظ، كما يشرحُ للعربيِّ كتابًا عربيًّا قد سَمِع ألفاظَه العربيةَ لكنه لم يتصوَّر معانيه ولا فَهِمَها.

وتصويرُ المعنى يكونُ بذكر عينِه, أو نظيره, أو تركيب صفاتٍ من مفرداتٍ يفهمُها المخاطَبُ يكونُ ذلك المركَّب صورةَ ذلك المعنى، إما تحديدًا وإما تقريبًا (٢).

الدرجة الثالثة: بيانُ صحة ذلك المعنى وتحقيقه بذكر الدليل والقياس الذي يحقِّقُ ذلك المعنى، إما بدليلٍ مجرَّدٍ وإما بدليلٍ يبيِّن علَّة وجوده.

وهنا قد يحتاجُ إلى ضرب أمثلةٍ ومقاييسَ تفيدُه التصديقَ بذلك المعنى،


(١). انظر: «الرد على المنطقيين» (٤٨ - ٦١) , و «مجموع الفتاوى» (٦/ ٦٥).
(٢). انظر ما سيأتي (ص: ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>