للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على المسلمين وعلوِّه عليهم ونحو ذلك (١).

فأخذُ عِلْم الطبِّ من كتبهم مثلُ الاستدلال بالكافر على الطريق واستطبابه، بل هذا أحسن؛ لأن كتبَهم لم يكتبوها لمعيَّنٍ من المسلمين حتى تدخُل فيها الخيانة، وليس فيها حاجةٌ إلى أحدٍ منهم بالحياة (٢)، بل هي مجرَّدُ انتفاعٍ بآثارهم، كالملابس والمساكن والمزارع والسِّلاح ونحو ذلك.

وإن ذَكَر (٣) ما يتعلَّقُ بالدين، فإنْ نقلوه عن الأنبياء كانوا فيه كأهل الكتاب وأسوأ حالًا، وإن أحالوا معرفتَه على القياس العقليِّ، فإن وافقَ ما في القرآن فهو حقٌّ، وإن خالفه ففي القرآن بيانُ بطلانه بالأمثال المضروبة، كما قال تعالى: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان: ٣٣]، ففي القرآن الحقُّ والقياسُ البيِّن الذي يبيِّنُ بطلانَ ما جاؤوا به من القياس.

وإن كان ما يذكرونه مجملًا فيه الحقُّ [وفيه الباطل] (٤) , وهو الغالبُ على الصَّابئة المبدِّلين مثل أرسطو وأتباعه وعلى من اتبعَهم من الآخِرين (٥) ,


(١). لابن الحاج العبدري (ت: ٧٣٧) فصلٌ ذائع في كتابه «المدخل» (٤/ ١٠٧ - ١١١) في التشنيع على استطباب أهل الكتاب, فيه مبالغةٌ وتهويل.
(٢). (ط): «وليس هناك حاجة إلى أحد منهم بالخيانة».
(٣). أي الصابئ الفيلسوف عن قدماء الصابئة الفلاسفة.
(٤). زدت ما بين المعكوفات لاقتضاء السياق, ومن الحقِّ ما سيأتي (ص: ٢٨٨).
(٥). أتباع أرسطو هم الفلاسفة المشاؤون, وأتباعهم الآخِرون هم المتفلسفة المنتسبون إلى الإسلام كالفارابي وابن سينا وابن رشد وأضرابهم. انظر: «بيان تلبيس الجهمية» (١/ ١٥٥, ٤/ ٣٤٧, ٥/ ٢٢٥) , و «الرد على المنطقيين» (٣٣٥) , و «درء التعارض» (١/ ١٥٧, ٣/ ٣٢٤, ٥/ ٩, ٦/ ٢١٠, ٩/ ٤١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>