للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوائل، كفيثاغورس وسُقْراط وأفلاطُن، كانوا يهاجرون إلى أرض الأنبياء بالشَّام، ويتلقَّون عن لقمان الحكيم ومَن بعده من أصحاب داود وسليمان، وأن أرسطو لم يسافر إلى أرض الأنبياء، ولم يكن عنده من العلم بأثارة الأنبياء ما عند سَلَفه, وكان عنده قدرٌ يسيرٌ من الصَّابئيَّة الصَّحيحة، فابتدَع لهم هذه التعاليم القِيَاسيَّة، وصارت قانونًا مشى عليه أتباعُه، واتَّفق أنه قد يتكلَّم في طبائع الأجسام أو في صورة المنطق أحيانًا بكلامٍ صحيح, وأما الأوَّلون فلم يوجد لهم مذهبٌ تامٌّ مبتدَع (١).

[فهو] (٢) بمنزلة مبتدعة المتكلِّمين في المسلمين، مثل أبي الهُذَيل، وهشام بن الحكم (٣)، ونحوهما ممَّن وضع مذهبًا في أبواب أصول الدين فاتَّبعه على ذلك طائفة؛ إذ كان أئمَّةُ المسلمين مثل مالكٍ وحمَّاد بن زيد والثَّوري ونحوهم إنما تكلَّموا بما جاءت به الرسالة, وفيه الهدى والشِّفاء، فمن لم يكن له علمٌ بطريق المسلمين يَعْتَاضُ بما عند هؤلاء، وهذا سببُ


(١) انظر: «الرد على الشاذلي» (١٣٦) , و «درء التعارض» (٩/ ١٢٤) , و «جامع المسائل» (٥/ ٢٨٦) , و «مجموع الفتاوى» (١٧/ ٣٥١) , و «إغاثة اللهفان» (١٠١٩ - ١٠٢١, ١٠٢٨ - ١٠٣١).
(٢) أي أرسطو, وزدت ما بين المعكوفين ليفهَم السياق.
(٣) أبو الهذيل العلَّاف من أئمة المعتزلة, وهشام بن الحكم مجسِّمٌ من كبار الرافضة, ولكلٍّ منهما شيعةٌ وأتباع. انظر: «لسان الميزان» (٧/ ٥٦١, ٨/ ٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>