للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل النصوص قد ينقضونه، والذين لا يعلمون النصوصَ يَطْرُدونه.

وكذلك هذه حالُ أكثر متكلِّمة أهل الإثبات مع متكلِّمة النفاة في مسائل الصِّفات والقَدَر وغير ذلك، قد يوافقونهم على قياسٍ فيه نفيٌ، ثم يَطْرُده أولئك فينفُون به ما أثبتته النصوص، والمُثْبِتةُ لا تفعل ذلك، بل لا بدَّ من القول بموجَب النصوص، فربما قالوا ببعض معناها وربما فرَّقوا بفرقٍ ضعيف, وأصلُ ذلك موافقةُ أولئك على القياس الضعيف، وذلك في مثل مسائل الجسم والجوهر وغير ذلك (١).

وهكذا تجدُ هذا حالَ من أعان ظالمًا في الأفعال، فإن الأفعالَ لا تقعُ إلا عن إرادة، فالظالم يَطْرُد إرادتَه فيصيبُ من أعانه، أو يصيبُ ظلمًا لا يختارُه هذا، فيريدُ المُعِينُ أن ينقُض الطَّردَ ويخُصَّ علَّته, ولهذا يقال: من أعان ظالمًا بُلِيَ به (٢).

وهذا عامٌّ في جميع الظَّلمة من أهل الأقوال والأعمال وأهل البدع


(١). انظر: «درء التعارض» (٢/ ٢٠١) , و «منهاج السنة» (٢/ ٣٣١) , و «مجموع الفتاوى» (١٣/ ٣٠٤).
(٢). الأصل في هذا قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} , وقوله: {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ}. انظر: تفسير القرطبي (٧/ ٨٥) , و «الأمثال الكامنة في القرآن» للحسين بن الفضل (٣٣) , و «بدائع السلك» لابن الأزرق (٢/ ٩٧) , و «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٤٦٥) , و «البداية والنهاية» (١٧/ ٤٥٨). ويروى في ذلك حديثٌ مرفوعٌ لا يصح, أخرجه ابن عساكر (٣٤/ ٤) , وانظر: «المقاصد الحسنة» (١٠٦٣) , و «السلسلة الضعيفة» (١٩٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>