للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان أبو يوسف نظرُه (١) بالعكس، كان أعلمَ بالحديث منه.

ولهذا توجدُ المسائلُ التي خالفَ فيها زُفَرُ أصحابَه عامَّتُها قياسيَّة (٢)، ولا يكونُ إلا قياسًا ضعيفًا عند التأمُّل، وتوجدُ المسائلُ التي يخالفُ فيها أبو يوسف أبا حنيفة واتَّبعه محمدٌ (٣) عليها عامَّتُها اتبع فيها النصوصَ والأقيسةَ الصحيحة؛ لأن أبا يوسف رَحَل بعد موت أبي حنيفة إلى الحجاز، واستفاد من عِلْم السُّنن التي كانت عندهم ما لم تكن مشهورةً بالكوفة، وكان يقول: «لو رأى صاحبي ما رأيتُ لرجعَ كما رجعتُ» (٤)؛ لعلمه بأن صاحبَه ما كان يقصدُ إلا اتباعَ الشريعة، لكن قد يكونُ عند غيره من عِلْم السُّنن ما لم يَبْلُغْه.

وهذا أيضًا حالُ كثيرٍ من الفقهاء بعضهم مع بعضٍ فيما وافقوه عليه من قياسٍ لم تثبت صحتُه بالأدلة المعتمدة، فإن الموافقة فيه تُوجِبُ طردَه، ثم


(١). كذا بالأصل, وهو مستقيم, ويجوز أن تكون: نظيره.
(٢). انظر بعض الأصول التي خالف فيها زفرُ أصحابَه في «تأسيس النظر» (٣٨ - ٤٧).
(٣). محمد بن الحسن الشيباني.
(٤). انظر: «السنن الكبرى» للبيهقي (٤/ ١٧١) , ومختصر «اختلاف العلماء للطحاوي» للجصاص (٤/ ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>