للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [العنكبوت: ٤٦]، فالظالمُ ليس علينا أن نجادله بالتي هي أحسن.

وإذا حصَل مِن مُسْلِمَة أهل الكتاب الذين عَلِمُوا ما عندهم بلُغَتِهم وترجموا لنا بالعربية انتُفِع بذلك في مناظرتهم ومخاطبتهم، كما كان عبد الله بن سَلَام وسلمانُ الفارسي وكعبُ الحَبْر (١) وغيرُهم يحدِّثون عما عندهم من العلم، وحينئذٍ يُسْتَشْهَدُ بما عندهم على موافقة ما جاء به الرسول، ويكونُ حجةً عليهم من وجهٍ وعلى غيرهم من وجهٍ آخر، كما بيَّناه في موضعه.

والألفاظُ العِبْريَّةُ تُقارِبُ العربيَّةَ بعض المقاربة (٢)، كما تتقاربُ


(١). بفتح الحاء وكسرها. انظر: «غريب الحديث» لأبي عبيد (١/ ٨٧). وكان ابن سيرين يكره أن يقال له: «كعب الحبر» ويقول: «كعب المسلم». انظر: «العلل» للإمام أحمد برواية عبد الله (٢/ ٣٩٠). ويقال له: «كعب الأحبار» , وهو أشهر.
(٢). قال أبو محمد بن حزم في «الإحكام» (١/ ٣١): «الذي وقفنا عليه وعلمناه يقينًا أن السريانية والعبرانية والعربية التي هي لغة مضر لا لغة حمير لغةٌ واحدةٌ تبدَّلت بتبدُّل مساكن أهلها» , ثم ذكر أمثلة من اختلاف اللهجات في العربية, ثم قال: «فمن تدبر العربية والعبرانية والسريانية أيقن أن اختلافها إنما هو من نحو ما ذكرنا من تبديل ألفاظ الناس على طول الأزمان واختلاف البلدان ومجاورة الأمم، وأنها لغة واحدة في الأصل». وقال السهيلي في «التعريف والإعلام» (٢٠): «وكثيرًا ما يقع الاتفاق بين السرياني والعربي أو يقاربه في اللفظ». وانظر نماذج للتقارب بين ألفاظ اللغتين في «هداية الحيارى» (١٤٣) , و «جلاء الأفهام» (٢١٨ - ٢٢٠).
وانظر تقرير هذا في كتب نحاة العبرانية اليهود: «اللمع» لمروان بن جناح القرطبي (٧) , و «المستلحق» له (١٣٥) , ورسائله (٧٨, ٢٦٣) , و «الموازنة بين اللغة العبرانية واللغة العربية» لإسحاق بن بارون (٢٢) , و «الرسالة» ليهوذا بن قريش.

<<  <  ج: ص:  >  >>