للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه (١) إن أراد أن نفسَ ألفاظهم (٢) وما يتوصَّلون به إلى بيان مرادهم من المعاني لم يعلموه (٣) = فهذا لا يضرُّهم؛ إذ العلمُ بلغات الأمم ليس ممَّا يجبُ على الرُّسل وأصحابهم، بل يجبُ ما لا يتمُّ التبليغُ إلا به, فالمتوسِّطون بينهم من التَّراجِمَة يعلمون لفظ كلٍّ منهما ومعناه، فإن كان المعنيان واحدًا كالشمس والقمر وإلا عَلِمُوا ما بين المعنيين من الاجتماع والافتراق وبيَّنوا لكلٍّ منهما مرادَ صاحبه، كما تُصَوَّرُ المعاني ويُبَيَّن ما بين المعنيين من التماثل والتشابه والتقارب.

فالصحابةُ كانوا يعلمون ما جاء به الرسول، وفيما جاء به بيانُ الحجَّة على بطلان كفر كلِّ كافرٍ وبيانُ ذلك بقياسٍ صحيحٍ أحقُّ وأحسنُ بيانًا من مقاييس أولئك الكفار، كما قال تعالى: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان: ٣٣] , أخبَر سبحانه أن الكفَّار لا يأتونه بقياسٍ عقليٍّ لباطلهم إلا جاءه الله بالحقِّ، وجاء من البيان والدليل وضَرْبِ المَثَلِ بما هو أحسنُ تفسيرًا وكشفًا وإيضاحًا للحقِّ من قياسهم (٤).

وجميعُ ما تقوله الصابئةُ والمتفلسفةُ وغيرُهم من الكفَّار من حُكمٍ أو دليلٍ يندرجُ فيما عَلِمَه الصحابة.

وهذه الآيةُ ذكَرها الله تعالى بعد قوله: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي


(١). أي الرازي.
(٢). أي الفلاسفة.
(٣). أي الصحابة.
(٤). انظر: «بيان تلبيس الجهمية» (١/ ٤٥٢, ٤/ ٥٠, ٦/ ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>