للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتتبَّع المنافقين الزنادقة لذلك (١).

وكان خلفاءُ بني العباس أحسنَ تعاهُدًا للصلوات في أوقاتها من بني أمية، فإن أولئك كانوا كثيري الإضاعة لمواقيت الصلاة (٢)، كما جاءت فيهم الأحاديث أنه «سيكونُ بعدي أمراءُ يؤخِّرون الصلاةَ عن وقتها، فصلُّوا الصلاةَ لوقتها، واجعلوا صلاتكم معهم نافلةً» (٣).

لكن كانت البدعُ في القرون الثلاثة الفاضلة مقموعةً، وكانت الشريعةُ أعزَّ وأظهر، وكان القيامُ بجهاد أعداء الدين من الكافرين والمنافقين أعظم.

وفي دولة أبي العباس المأمون ظهر الخُرَّمية (٤) ونحوهم من المنافقين, وعُرِّبت (٥) من كتب الأوائل المجلوبة من بلاد الروم ما انتشر بسببه مقالاتُ الصابئين (٦) , وراسَلَ ملوكَ المشركين من الهند ونحوهم


(١) الأصل: «كذلك». والمثبت أشبه بالصواب.
(٢) انظر: «منهاج السنة» (٨/ ٢٣٧, ٢٣٩).
(٣) أخرجه مسلم (٦٤٨) وأحمد (٢١٤١٧).
(٤) طائفة من الباطنية, أصحاب بابك الخرَّمي الذي قتله المعتصم سنة ٢٢٣. انظر: «الفرق بين الفرق» (٢٥١) , و «بيان تلبيس الجهمية» (٢/ ٤٧٣) , و «درء التعارض» (٥/ ١٨٥) , و «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٤٨٣) , و «جامع المسائل» (٥/ ٤١).
(٥) (ط): «وعرب» , أي المأمون, وهي محتملة, وأثبت ما في الأصل.
(٦) انظر: «الرد على المنطقيين» (٣٧٤) , و «مجموع الفتاوى» (٢/ ٨٤, ١٢/ ٣١).
قال الصفدي في «الغيث الذي انسجم» (١/ ٧٩): «حدثني من أثق به أن الشيخ تقي الدين أحمد بن تيمية - رحمه الله - كان يقول: ما أظنُّ أن الله يغفلُ عن المأمون, ولا بدَّ أن يقابله على ما اعتمده مع هذه الأمة من إدخال هذه العلوم الفلسفية بين أهلها».
وقبله قال الجويني في «غياث الأمم» (٢٨٣) بعد أن ذكر صنيع المأمون: «ولو قلتُ: إنه مطالبٌ بمغبَّات البدع والضلالات، في الموقف الأَهْوَل في العَرَصات، لم أكن مجازفًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>