للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيتكلَّفون مِن بيانه ما هو زيادةٌ وحشوٌ وعناءٌ وتطويلُ طريق.

وهذا من المنكر المذموم في الشَّرع والعقل، قال تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: ٨٦]، وفي «الصَّحيح» (١) عن عبد الله بن مسعود قال: «أيها الناس، من عَلِمَ علمًا فليَقُلْ به، ومن لم يعلم فليَقُلْ: لا أعلم؛ فإن من العلم أن يقول الرجلُ لما لا يعلم: لا أعلم».

وقد ذمَّ الله القولَ بغير علمٍ في كتابه، كقوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦] لا سيَّما القولَ على الله، كقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} إلى: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٣٣].

وكذلك ذمَّ الكلام الكثيرَ الذي لا فائدة فيه، وأمرَ بأن نقول القولَ السَّديد والقولَ البليغ (٢).

وهؤلاء كلامهم في الحدود غالبُه من الكلام الكثير الذي لا فائدة فيه، بل قد يكثُر كلامهم في الأقيسة والحُجَج, كثيرٌ منه كذلك (٣)، وكثيرٌ منه باطل، وهو قولٌ بغير علم، وقولٌ لخلاف الحقِّ.

أما الأول، فإنهم يزعمون أن الحدودَ التي يذكرونها يُفِيدُون بها تصوُّر الحقائق، وأن ذلك إنما يتمُّ بذكر الصِّفات الذاتية المشتركة والمميِّزة، حتى


(١). صحيح البخاري (٤٧٧٤, ٤٨٠٩).
(٢). كما في آيتي النساء: ٩, ٦٣, والأحزاب: ٧٠.
(٣). أي كثير منه لا فائدة فيه. وفي الأصل: «كثيرا منه كذلك».

<<  <  ج: ص:  >  >>