للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما هو عقائدُ فلسفيةٌ وكلاميَّة، كما قال السَّلف: «العلمُ بالكلام هو الجهل» (١)، وكما قال أبو يوسف: «من طلب العلمَ بالكلام تزندق» (٢).

ولهذا صار طائفةٌ ممن يرى فضيلته وديانته يَدْفَعُون وجودَ هذه الكتب عنه، حتى كان الفقيه أبو محمد بن عبد السلام (٣) فيما عُلِّق عنه (٤) يُنْكِرُ أن يكون «بداية الهداية» من تصنيفه, ويقول: إنما هو تقوُّلٌ عليه، مع أن هذه الكتب مقبولها أضعافُ مردودها، والمردودُ منها أمورٌ مجملة، وليس فيها عقائدُ ولا أصول الدين (٥).


(١). أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (٧/ ٥٣٨, ١٦/ ٣٧٢) , وابن بطه في «الإبانة» (٢/ ٥٣٦) وغيرهما عن أبي يوسف. ويروى عن الشافعي, أخرجه أبو القاسم التيمي في «الحجة» (١/ ٢٢٤).
(٢). أخرجه وكيع في «أخبار القضاة» (٣/ ٢٥٨) , وابن بطه في «الإبانة» (٢/ ٥٣٧) , واللالكائي في «السنة» (٣٠٥) وغيرهم بإسنادٍ صحيح. ورواه ابن نقطة في «التقييد» (١/ ٤٦١) عن أبي يوسف عن مجالد عن الشعبي, وهو منكر, ولم يكن الكلام قد عُرِفَ لذلك العهد, ولعله دخل في النسخة حديثٌ في حديث. وأخرج أبو إسماعيل الأنصاري في «ذم الكلام» (٨٧٣) عن مالك: «من طلب الدين بالكلام تزندق».
(٣) العز بن عبد السلام (ت: ٦٦٠). وانظر ما تقدم (ص: ٢٥).
(٤) الأصل: «علقه عنه». ولا وجه له.
(٥) كتاب «بداية الهداية» جعله الغزالي ثلاثة أقسام: ذكر الطاعات وآدابها, واجتناب المعاصي, وآداب الصحبة والمعاشرة. نسخه الخطية كثيرة جدًّا, وبعضها في زمن مؤلفه, ولم أقف على من شكَّك في ثبوته, وهو مشهورٌ عند الشافعية, وشرحه واختصره منهم غير واحد, ونسبه إليه ابن الصلاح في «طبقات الشافعية» (١/ ٢٤٩) وغيره. وذكر السِّلَفي في «معجم السفر» (٤٥٠) عن أبي الحسن علي بن سند بن عياش الغساني أنه لقي الغزالي بالحجاز وقرأ عليه من أول «بداية الهداية» وأجازه بباقيه. وسمعه من الغزالي كذلك موسى بن هارون التجيبي كما في «تكملة الصلة» (٢/ ١٧٤). وانظر: «مشيخة القزويني» (٥٢٤) , و «تجريد أسانيد الكتب المشهورة» لابن حجر (٤٠٢) , و «صلة الخلف» (١٤١) , و «مؤلفات الغزالي» لعبد الرحمن بدوي (١٣٨) , و «جامع الشروح والحواشي» (١/ ٥٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>